بعد
ستة عشر يوماً من الإغلاق الجزئي للدوائر الحكومية الأمريكية، عاد آلاف
الموظفين الأمريكيين إلى أعمالهم يوم الخميس 17 أكتوبر/تشرين أول 2013 بعد
ساعات من توقيع الرئيس باراك أوباما الموازنة العامة لعام 2013 لتصبح
قانوناً إثر موافقة الجمهوريين على تمريرها مؤقتاً بعد فشلهم فشلاً ذريعاً
في ليّ ذراع الرئيس وإدارته الديمقراطية بابتزازهما سياسياً . عاد الموظفون
والأمل يحدوهم لأن يكون هذا الاتفاق مقدمة لتجاوز الطريق السياسي المسدود
الذي وصل إليه الطرفان المتصارعان، الجمهوريون والديمقراطيون، في واشنطن .
إلا أن عودة الحياة إلى طبيعتها، كما كانت عليه قبل “الإضراب العام” الذي
فرضته الحكومة على موظفيها بصورة غير مسبوقة في التاريخ، تتناقض مع مؤسسة
الحكم التي مازالت مخضوضة بفعل حدة التجاذبات والغضب الشعبي الذي لم يتم
استيعابه بالكامل بعد .
ستة عشر يوماً من الإغلاق الجزئي للدوائر الحكومية الأمريكية، عاد آلاف
الموظفين الأمريكيين إلى أعمالهم يوم الخميس 17 أكتوبر/تشرين أول 2013 بعد
ساعات من توقيع الرئيس باراك أوباما الموازنة العامة لعام 2013 لتصبح
قانوناً إثر موافقة الجمهوريين على تمريرها مؤقتاً بعد فشلهم فشلاً ذريعاً
في ليّ ذراع الرئيس وإدارته الديمقراطية بابتزازهما سياسياً . عاد الموظفون
والأمل يحدوهم لأن يكون هذا الاتفاق مقدمة لتجاوز الطريق السياسي المسدود
الذي وصل إليه الطرفان المتصارعان، الجمهوريون والديمقراطيون، في واشنطن .
إلا أن عودة الحياة إلى طبيعتها، كما كانت عليه قبل “الإضراب العام” الذي
فرضته الحكومة على موظفيها بصورة غير مسبوقة في التاريخ، تتناقض مع مؤسسة
الحكم التي مازالت مخضوضة بفعل حدة التجاذبات والغضب الشعبي الذي لم يتم
استيعابه بالكامل بعد .
لقد
حاول الرئيس أوباما التخفيف من مخلفات وآثار هذا الصراع الخطر في واشنطن
في خطاب ألقاه في البيت الأبيض بعد ابرام الاتفاق مع الجمهوريين، بالقول
“ليس هناك غالب في هذا الصراع”، وإن بدا غاضباً حين وجّه كلامه للجمهوريين
قائلاً: “أنتم لا تطيقون الرئيس، هيا اذهبوا وفوزوا في الانتخابات”،
معتبراً “أن الاسابيع القليلة الماضية قد ألحقت ضرراً كنا في غنى عنه
بالاقتصاد الأمريكي ولطخت سمعة نظامنا السياسي . ولعل أكثر ما أضر
بمصداقيتنا تلك المسرحية التي شهدتها واشنطن، وأن الشعب الأمريكي قد ضاق
ذرعاً بواشنطن (يقصد مقر الحكومة حيث صناعة القرار)” . جدير بالذكر هنا أن
وكالة التصنيف الائتماني “ستاندر أند بورز” قد قدّرت خسائر الاقتصاد
الأمريكي من وراء الإغلاق الحكومي بنحو 24 مليار دولار بمعدل 5 .1 مليار
دولار يومياً .
حاول الرئيس أوباما التخفيف من مخلفات وآثار هذا الصراع الخطر في واشنطن
في خطاب ألقاه في البيت الأبيض بعد ابرام الاتفاق مع الجمهوريين، بالقول
“ليس هناك غالب في هذا الصراع”، وإن بدا غاضباً حين وجّه كلامه للجمهوريين
قائلاً: “أنتم لا تطيقون الرئيس، هيا اذهبوا وفوزوا في الانتخابات”،
معتبراً “أن الاسابيع القليلة الماضية قد ألحقت ضرراً كنا في غنى عنه
بالاقتصاد الأمريكي ولطخت سمعة نظامنا السياسي . ولعل أكثر ما أضر
بمصداقيتنا تلك المسرحية التي شهدتها واشنطن، وأن الشعب الأمريكي قد ضاق
ذرعاً بواشنطن (يقصد مقر الحكومة حيث صناعة القرار)” . جدير بالذكر هنا أن
وكالة التصنيف الائتماني “ستاندر أند بورز” قد قدّرت خسائر الاقتصاد
الأمريكي من وراء الإغلاق الحكومي بنحو 24 مليار دولار بمعدل 5 .1 مليار
دولار يومياً .
وكان
الرئيس أوباما قد رد بغضب إبان احتدام الأزمة حين حاول الجمهوريون تمرير
صيغة معدلة من مشروع قانون الميزانية مستغلين أغلبيتهم في مجلس النواب،
بالتأكيد على “إنني لن أستقيل من منصبي، وإنه لا داعي لخلط الأمور، وإن من
غير المسموح به للسياسات الداخلية تدمير الاقتصاد الأمريكي والعالمي” . وفي
حينه لخص النائب الديمقراطي ديفيد سكوت الوضع السياسي المتأزم بالقول “إن
قانون أوباما – كير أيدته المحكمة العليا، ونوقش خلال انتخابات الرئاسة عام
،2012 موضحاً أن الشعب قال كلمته، وأن هذا الشعب لن ينسَ أبداً للجمهوريين
أنهم أوصلوا البلاد إلى حافة الإفلاس . وقد أيده الرئيس أوباما في ذلك” .
الرئيس أوباما قد رد بغضب إبان احتدام الأزمة حين حاول الجمهوريون تمرير
صيغة معدلة من مشروع قانون الميزانية مستغلين أغلبيتهم في مجلس النواب،
بالتأكيد على “إنني لن أستقيل من منصبي، وإنه لا داعي لخلط الأمور، وإن من
غير المسموح به للسياسات الداخلية تدمير الاقتصاد الأمريكي والعالمي” . وفي
حينه لخص النائب الديمقراطي ديفيد سكوت الوضع السياسي المتأزم بالقول “إن
قانون أوباما – كير أيدته المحكمة العليا، ونوقش خلال انتخابات الرئاسة عام
،2012 موضحاً أن الشعب قال كلمته، وأن هذا الشعب لن ينسَ أبداً للجمهوريين
أنهم أوصلوا البلاد إلى حافة الإفلاس . وقد أيده الرئيس أوباما في ذلك” .
ولوهلة
بدا كأن الرئيس يسير نحو طلب تفويض الشعب الأمريكي لمواجهة الجمهوريين،
لاسيما متطرفي “حزب الشاي” . فالموضوع ليس مزحة بعد أن كشفت معركة الإغلاق
الحكومي الأخيرة وجوهاً عدة على حقيقتها، ومنها قيادات الصف الأول في الحزب
الجمهوري مثل نيوت غينغريتش، ونائب الرئيس السابق ديك تشيني الذي لم يتردد
في مقابلة أجرتها معه سافانا جوثري بمحطة “إن بي سي” في مدح حزب الشاي
واعتباره “موجة جديدة في السياسة الأمريكية” . في ذات الوقت الذي وجه فيه
انتقادات لاذعة للرئيس أوباما، معتبراً إياه “راديكالياً”! ولم ينس تشيني
خلال المقابلة تسويق ابنته ليز تشيني التي تتملق بدورها حزب الشاي
للاستفادة من نشاطه العدواني في دعم ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية
ويومنغ Wyoming ضد الديمقراطي مايك اينزي .
بدا كأن الرئيس يسير نحو طلب تفويض الشعب الأمريكي لمواجهة الجمهوريين،
لاسيما متطرفي “حزب الشاي” . فالموضوع ليس مزحة بعد أن كشفت معركة الإغلاق
الحكومي الأخيرة وجوهاً عدة على حقيقتها، ومنها قيادات الصف الأول في الحزب
الجمهوري مثل نيوت غينغريتش، ونائب الرئيس السابق ديك تشيني الذي لم يتردد
في مقابلة أجرتها معه سافانا جوثري بمحطة “إن بي سي” في مدح حزب الشاي
واعتباره “موجة جديدة في السياسة الأمريكية” . في ذات الوقت الذي وجه فيه
انتقادات لاذعة للرئيس أوباما، معتبراً إياه “راديكالياً”! ولم ينس تشيني
خلال المقابلة تسويق ابنته ليز تشيني التي تتملق بدورها حزب الشاي
للاستفادة من نشاطه العدواني في دعم ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية
ويومنغ Wyoming ضد الديمقراطي مايك اينزي .
ما
الذي يعنيه ذلك؟ إنه يعني أن كهول ومخضرمي زعماء الحزب الجمهوري المتشربين
إيديولوجيا بفكر اليمين التقليدي المغرق في محافظته، قد استحضروا تراث
ماضيهم الحزبي واختاروا منه بعض الكلاشيهات المثيرة للذكريات والعواطف مثل
الاسم القديم لحزبهم الجمهوري “الحزب القديم الكبير” The Grand Old Party و”حزب الشاي” Tea Party الذي
يُذكّر بأيام المقاومة للاحتلال البريطاني لأمريكا . وشتان ما بين حزب
الشاي الأصلي في بوسطن وحزب الشاي الحالي . فقد أُنشىء الأول للتصدي للوجود
الاستعماري البريطاني والشركات البريطانية التي تستغل امتياز استعمار
بلادها لأمريكا لاحتكار أسواقها المحلية . أما حزب الشاي الحالي فهو ربيب
الشركات والبليونيرات .
الذي يعنيه ذلك؟ إنه يعني أن كهول ومخضرمي زعماء الحزب الجمهوري المتشربين
إيديولوجيا بفكر اليمين التقليدي المغرق في محافظته، قد استحضروا تراث
ماضيهم الحزبي واختاروا منه بعض الكلاشيهات المثيرة للذكريات والعواطف مثل
الاسم القديم لحزبهم الجمهوري “الحزب القديم الكبير” The Grand Old Party و”حزب الشاي” Tea Party الذي
يُذكّر بأيام المقاومة للاحتلال البريطاني لأمريكا . وشتان ما بين حزب
الشاي الأصلي في بوسطن وحزب الشاي الحالي . فقد أُنشىء الأول للتصدي للوجود
الاستعماري البريطاني والشركات البريطانية التي تستغل امتياز استعمار
بلادها لأمريكا لاحتكار أسواقها المحلية . أما حزب الشاي الحالي فهو ربيب
الشركات والبليونيرات .
ورغم
أن عصبة “حزب الشاي” لم تطرح ما يسهم في مساعدة البلاد على التخلص من
اختناقاتها المالية (عجز الموازنة الفلكي وجبل الدين العام)، وإنما هي تعمل
على إفشال أنشطة وبرامج الرئيس أوباما وإدارته لحصد النقاط، إلا أن هنالك
من المحللين الأمريكيين من يذهب في توقعاته إلى أن “حزب الشاي” سوف يسيطر
على الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ . وهذه فرضية ممكنة الحدوث، إذا ما
علمنا أن الاختناقات المالية التي تعانيها البلاد، تشكل بيئة خصبة لصعود
المزايدين الغلاة .
أن عصبة “حزب الشاي” لم تطرح ما يسهم في مساعدة البلاد على التخلص من
اختناقاتها المالية (عجز الموازنة الفلكي وجبل الدين العام)، وإنما هي تعمل
على إفشال أنشطة وبرامج الرئيس أوباما وإدارته لحصد النقاط، إلا أن هنالك
من المحللين الأمريكيين من يذهب في توقعاته إلى أن “حزب الشاي” سوف يسيطر
على الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ . وهذه فرضية ممكنة الحدوث، إذا ما
علمنا أن الاختناقات المالية التي تعانيها البلاد، تشكل بيئة خصبة لصعود
المزايدين الغلاة .
في
الجانب الآخر، فقد اعتبر بعض أنصار رؤية الرئيس أوباما في التغيير
والإصلاح، أن هزيمة عصبة “حزب الشاي” وغلاة الجمهوريين في هذه المعركة،
فرصة مواتية للرئيس للاستنجاد بالشعب ضد هذه الكتلة اليمينية الصاعدة التي
لا تتورع عن القاء أرباب الأسر الأمريكية خارج أعمالهم لخدمة أجنداتهم
الخاصة .
الجانب الآخر، فقد اعتبر بعض أنصار رؤية الرئيس أوباما في التغيير
والإصلاح، أن هزيمة عصبة “حزب الشاي” وغلاة الجمهوريين في هذه المعركة،
فرصة مواتية للرئيس للاستنجاد بالشعب ضد هذه الكتلة اليمينية الصاعدة التي
لا تتورع عن القاء أرباب الأسر الأمريكية خارج أعمالهم لخدمة أجنداتهم
الخاصة .
ولكن هذا لن يحدث، فهناك حدود وضوابط لإدارة الصراع داخل صفوف الطبقة السياسية الأمريكية الحاكمة، يصعب على أي من الطرفين تجاوزها .