بعكس ما يراه تجار الحرب والمتمصلحين من استمرار الأزمة في هذا الوطن
الصغير فإن السواد الأعظم من الشعب يرنو إلى حل سياسي يعيد للمجتمع روحه
التي فقدت ومحبته التي استبيحت وتآلفه الجميل وليس إلى المزيد من صفقات
طلقات الشوزن ومسيلات الدموع والمركبات المدرعة فلقد اكتفينا من الدموع
التي سالت طوال هذه الفترة البغيضة.
لقد تم عسكرة المجتمع بأسره،
فيخال إلى من لا يعرف البحرين بأنه في دولة مستعمرة، فقوات الأمن تسيطر على
جميع مداخل ومخارج القرى ولما يقارب ثلاث سنوات، وتحاط أماكن معينة في قلب
العاصمة بالأسلاك الشائكة كما يتم إحاطة بعض الشوارع العامة والقرى بهذه
الأسلاك بهدف منع المتظاهرين من الوصول إليها أو الخروج منها، وفي المقابل
سدت الطرق الفرعية في القرى بأكوام من المخلفات والحجارة التي توضع ليلاً
وتزال نهاراً لكي تبطئ تحركات سيارات الأمن من اعتقال المتظاهرين، كما لا
يمكن تجاهل المسيرات الشعبية التي تخرج بمئات الآلاف حين تدعى لذلك من قبل
القوى السياسية المعارضة.
هذه شواهد لا يمكن إنكارها أو القفز عليها بأي كذبة مصطنعة.
الكذب
والنفاق له ألوان كثيرة، ولكن الحقيقة تبقى واحدة ولذلك لا يمكن لمن باع
وطنه وتخلى عن جنسيته الأصلية لمجرد الحصول على وظيفة صحافي براتب أعلى مما
يحصل عليه في وطنه أن يعطي الشعب البحريني دروساً في الوطنية، وأن يحاول
إقناع الناس بأنه محلل سياسي جهبذ ولا يشق له غبار لمجرد أن تفرد له صحيفته
صفحة كاملة ليقول ما يشاء من الهراء والخزعبلات.
الأخ المواطن
الجديد يقف ضد أي حل أو تسوية تعيد للمجتمع البحريني السلام ويرى في
المبادرات الدولية تدخلاً في الشأن الداخلي بهدف ابتزاز البحرين والحلول
التي يتم الحديث عنها الآن، صفقة ومساومات مع الوفاق وهي أمر كارثي لا يجب
الإقدم عليه في أي حال من الأحوال، وبتحليله السياسي السخيف يؤكد أنه يجب
على السلطة أن تحل جمعية الوفاق وألا تدخل في أي مفاوضات معها، كما إنه
يرى أن الحل للمشكلة البحرينية يأتي من خلال تشديد القبضة الأمنية، لسبب
بسيط وهو أن السلطة الآن في موقف القوي وليس من حق أي كان أن يفرض حلولاً
عليها وباستطاعتها أن تفعل ما تشاء، كما يشير إلى أن الحل يجب أن يكون من
خلال الحوار الداخلي، وهو قول حق أريد به باطل، ولا مجال أو أهمية للرد على
جميع الافتراءات التي جاء بها في سياق مقال مبني على افتراضات مزورة أو
استنتاجات مجيّرة.
إن نضال الشعب البحريني ومنذ عشرينات القرن الماضي
من أجل الديمقراطية الحقة والمساواة والعدالة الاجتماعية والسياسية ورفض
التمييز الطائفي والقبلي لا يقتصر على جمعية الوفاق أو غيرها من التيارات
السياسية، لسبب بسيط وهو أن هذا الشعب لن يقبل أبداً أن يكون مجرد (رعية)
وإنما سيظل دائماً يناضل من أجل أن يكون حراً ولن يرضى بغير ذلك.
نعم
من حقك أن تحصل على الجنسية البحرينية متى ما استوفيت شروطها، ولكن ليس من
حقك أبداً استعداء الدولة على شعبها، والتحريض على قمع الناس مهما بدت هذه
البضاعة رائجة في الوقت الحالي.