بين كل الأخبار المنتكسة في عالمنا العربي كان هناك أمس خبر التوصل إلى
«خريطة طريق» في تونس بين المعارضة التونسية وحركة النهضة الإسلامية التي
تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم… ولعلَّ تونس التي بدأت فيها انتفاضات
الربيع العربي في 2011 تفتح صفحة جديدة قائمة على التفاوض والتنازل من أجل
حياة سياسية أفضل.
بإمكان حركة النهضة أن تسير على النهج الذي سارت
عليه جماعة الإخوان المسلمين في مصر؛ ما سيحشد القوى ضدهم، ولربما تدخل
الجيش لصالح طرف ضد آخر، كما حدث في مصر، ولكن «الحكمة التونسية» تغلبت في
هذه الفترة على الأقل، وتم التوقيع على الخريطة التي قدمتها النقابات، وعلى
أساس ذلك فإنه يتعين أن تقدم الحكومة الحالية (التي يرأسها القيادي في
حركة النهضة علي العريض) استقالتها في أجَل أقصاه ثلاثة أسابيع من تاريخ
الجلسة الأولى للحوار. وبعد استقالة حكومة علي العريض ستحل مكانها «حكومة
كفاءات» ترأسها شخصية وطنية مستقلة لا يترشح أعضاؤها للانتخابات القادمة.
وتلزم
خريطة الطريق المجلس التأسيسي بإنهاء اختيار أعضاء الهيئة العليا المستقلة
للانتخابات وتأليفها بعد أسبوع واحد من انطلاق أول جلسة مفاوضات مباشرة
بين المعارضة وأحزاب الائتلاف الحاكم. كما تتحدث خطة العمل عن إصدار قانون
انتخابي خلال أسبوعين من بدء المفاوضات، وتحدد مواعيد للانتخابات والمصادقة
على الدستور.
ما نحتاجه في خضم الكوارث والهزات والأخبار السيئة
التي نمُرُّ بها أن ننظر إلى تجارب ناجحة في حل الخلافات عبر التفاوض
ونتعلم كيفية تقريب وجهات النظر وإنقاذ الأوطان من الانقسامات التي تبدو
مناسبة في وقت ما، ولكن سرعان ما يكتشف الجميع الخطأ الفادح من التمترس
خلفها.