دائماً ما تكون القرارات المتخذة في حالة الغضب أو النابعة من روح
الانتقام، وبالاً على صاحبها قبل أن تكون مؤثرة بشكل مؤلم لمن اتخذت ضده
هذه القرارات، وذلك ليس محصوراً على مستوى الأشخاص فقط وإنما يمتد ليصل إلى
مستوى المؤسسات وحتى الدول، فمثلاً القرارات التي اتخذت في حالة من النشوة
بالانتصار والرغبة في معاقبة كل من شارك في الاحتجاجات الشعبية في «دوار
اللؤلؤة» وتم على أساسها فصل أكثر من ثلاثة آلاف مواطن من وظائفهم، لم
يُفِد السلطة في البحرين بقدر ما أضرّها حتى اضطرت في نهاية الأمر إلى
التراجع وإعادة المفصولين إلى أعمالهم بعد أن أدان العالم بأجمعه هذه
المجازفة غير المحسوبة العواقب بما في ذلك اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق
التي طالبت بإرجاع جميع المفصولين إلى أعمالهم وبعد أن تقدمت 12 منظمة
عمالية عالمية بشكوى ضد مملكة البحرين لدى منظمة العمل الدولية لانتهاكها
الاتفاقية رقم (111) والخاصة بعدم التمييز في الاستخدام والمهنة، إذ اتهمت
هذه المنظمات حكومة البحرين بانتهاك معايير العمل وتسريح الآلاف من
العاملين بسبب آرائهم ومعتقداتهم.
في الوقت الحالي يتم إعادة إنتاج
هذا الخطأ نفسه، بخطأ أكبر منه بمراحل من خلال إصدار أحكام قضائية ضد
المئات من أبناء الشعب البحريني بسبب آرائهم السياسية تعدّت حدود المعقول
حيث وصلت هذه الأحكام إلى أكثر من 8000 سنة من السجن ضد شعب لا يتجاوز عدده
النصف مليون. مثل هذه الأحكام التي تصدر بشكل يومي والتي وصلت فيها إلى
الأحكام في يومين متتالين لأكثر من 850 سنة بالسجن على عدد من الموطنين لا
يمكن أن تمر دون أن تلفت نظر المؤسسات الحقوقية العالمية والمجتمع الدولي
الذي يراقب بشكل دقيق كل ما يحدث في البحرين من تطورات وخصوصاً بعد أن
أمطرت دول العالم السلطة في البحرين بـ 176 توصية خلال المراجعة الدورية
لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في مايو/ أيار 2012 تعهدت البحرين
بتنفيذها، وبعد أن أعلنت 47 دولة في بيان مشترك في سبتمبر/ أيلول الماضي
قلقها بشأن حقوق الإنسان في البحرين.
إن الاستمرار في إصدار مثل هذه
الأحكام لا يمكن له إلا أن يساهم بشكل أكبر في تشويه صورة البحرين لدى
العالم، ويزيد من عدد المنظمات والدول المتعاطفة مع المطالب العادلة للشعب
البحريني، ومهما حاول وزير الخارجية أو وزير الدولة لشئون حقوق الإنسان
تبرير هذه الأحكام الفلكية واتهام المحكوم عليهم بالإرهاب، فإن ذلك لن يقنع
أحداً، فالشمس لا يمكن أن تغطى بالغربال.