ربما تكون ندوة «حرية الصحافة والتعبير» التي أقامها مركز الجزيرة
الثقافي في 2 سبتمبر/ أيلول الجاري، هي أول ندوة عامة يتحدث من خلالها
الطرفان المتخاصمان منذ بدء الأحداث في 2011، وذلك أمر يحسب للمركز الذي
استطاع أن يجمع مختلف أطياف المجتمع البحريني على طاولة حوار واحدة، ليستمع
كل منهم للآخر.
الندوة التي حضرها من جانب المؤيدين للوضع الحالي كل
من رئيس تحرير «أخبار الخليج» أنور عبدالرحمن ورئيس لجنة الحريات بجمعية
الصحافيين البحرينية عبدالله المناعي، فيما حضرها من الجانب الآخر الصحافية
والكاتبة عصمت الموسوي، والتي أقيلت من عملها بسبب مشاركتها في فعاليات
«الدوار» والكاتب الصحافي علي صالح والناشط الحقوقي والكاتب عبدالنبي
العكري، بجانب عضو مجلس النواب عباس الماضي والأكاديمي عدنان بومطيع، أتاحت
للجميع أن يدلي برأيه وأن يناقش أفكاراً وأطروحات من يختلف معهم بأسلوب
متحضر، بخلاف ما نراه يوميا على صفحات الصحف من سباب وشتم وتسقيط وتخوين.
هذه
الندوة أثبتت أن الحوار بين أطياف المجتمع هو الطريق الأنجع للتقريب بين
الناس، ومهما اختلفت الآراء والمواقف، فإن الجميع أبناء وطن واحد، يجب أن
يكون لهم الحق في إبداء وجهة نظرهم سواء في الجوانب السياسية أو الحقوقية
أو الاقتصادية دون أن يتهموا بالعمالة للخارج والخيانة للوطن.
الصحافة في البحرين كانت من أكبر المتضررين خلال هذه الفترة، وفي الوقت نفسه كانت أكبر النافخين في نار الفتنة، وإشاعة الطائفية.
لقد
فقدت الصحافة في البحرين في هذه الفترة جميع مكتسباتها المهنية، والأسوأ
من ذلك فقدت «جوهر رسالة الصحافة وهي المصداقية والنزاهة»، وعمل بعض
الصحافيين في هذه الفترة كمخبرين، وجلادين على زملائهم في المهنة، فيما
ارتضى أغلبهم أن يكون «بوقا» يردد ما يطلب منه، مقابل امتيازات بسيطة أو
كبيرة لا فرق.
يقول رئيس تحرير إحدى الصحف المحلية في الندوة عن رأيه
في مسألة حبس الصحافيين «نحن في الجماعة الصحافية لا نستطيع أن نزعم أن كل
المنتمين إلى الجسم الصحافي يتمتعون بالأخلاقيات الرفيعة للمهنة، بل من
السهل توقع أن البعض إن وجد الساحة مفتوحة أمامه من دون عواقب فإنه لن
يتورع عن شن حملات تشهير ضد شخصيات اجتماعية وسياسية بلا دليل أو سند
ولخدمة أجندات خارجية أو لتصفية حسابات سياسية أو غيرها». وفي جانب آخر
يؤكد أن «هناك فرقا بين الصحافي المهني والصحافي الأيديولوجي»، ويبدو أن
رئيس التحرير لا يقرأ ما ينشره الكتاب سواء في صحيفته أو الصحف الأخرى من
سبٍّ وشتمٍ لرموز المعارضة، فهل يقع ذلك ضمن الاخلاقيات الرفيعة، أم أنه
يرى أن هناك من يمكن شتمه دون دليل أو سند وهناك نوع آخر لا يمكن انتقاده
حتى وإن كان لدى الصحافي أكوام من الوثائق والمستندات التي تثبت فساده.
بالطبع
هناك فرق كبير بين الصحافي المهني والصحافي الأيديولوجي، وخصوصا في وضع
سياسي متأزم كالوضع الذي تمر به البحرين حالياً، والذي يجب أن تكون الصحافة
مرآة صادقة لكل ما يجري فيه، فالصحافي المهني لا يمكنه أن يمنع نشر أي
بيان لجميع الجمعيات السياسية المعارضة، كما يمنع نشر صور أو إجراء مقابلات
مع رموز المعارضة، والصحافي المهني لا يمكنه أن يتجاهل مسيرات تخرج
بالآلاف ولا يذكر حرفاً واحداً في صحيفته عنها، والصحافي الصادق والنزيه لا
يتخذ موقفاً من الخبر.