ثلاث دعوات أطلقت في يوم واحد، واحدة على لسان يوسف القرضاوي، الذي بات يوصف بأنه مفتي حلف الناتو، والثانية على لسان أيمن الظواهري خليفة أسامة بن لادن في زعامة تنظيم القاعدة، والثالثة على لسان عصام العريان أحد زعامات الإخوان المسلمين في مصر .
دعا الأول الجنود المصريين إلى رفض تنفيذ أوامر ضباطهم في الجيش والتمرد على قادتهم، فيما اعتبر الظواهري ما يجري في مصر اليوم حرباً على الإسلام، داعياً المصريين إلى خوضها دفاعاً عن دينهم، أما العريان فقد دعا الغرب للتدخل في مصر لإسقاط النظام القائم وإعادة حكم الإخوان .
تبدو الدعوات الثلاث متلازمة ومترابطة، فحتى لو لم يكن الظواهري عضواً في تنظيم الإخوان المسلمين اليوم، إلا أنه معني بالدفاع عن حكمهم المنهار، والدعوات الثلاث بمثابة إعلان حرب على الدولة المصرية، ففي حين يُحرض القرضاوي على الجيش المصري الذي هو في الظروف التي تمر بها مصر اليوم دعامة استقرارها وأمنها وحماية وحدتها، من خلال حثه الجنود على التمرد ضد قادتهم، ويحرض الظواهري على الدولة والمجتمع في مصر برمته، حين يجعل من إقصاء الإخوان عن السلطة بدعم شعبي واسع حرباً على الإسلام، فإن العريان يكمل الدائرة بالاستنجاد بالغرب لينقض على مصر .
جرى حديث كثير عن مدى بعد تنظيم الإخوان المسلمين في مصر والإسلام السياسي عامة عن الروح الوطنية المصرية، ففلسفة التنظيم الدولي للإخوان العابرة للحدود لا تولي الكيانات الوطنية للدول عناية أو اهتماماً، وتبدو هذه التصريحات الثلاثة متناغمة في إظهار هذا التوجه، الذي لا يفرق أصحابه بين خصومتهم السياسية للنظام القائم حالياً في مصر وبين الولاء لمصر: دولة وكياناً وتاريخاً ومؤسسات، وبالتالي فإن أصحابها لا يجدون غضاضة في إعلان الحرب، لا على النظام وحده، وإنما على الدولة ذاتها .
فلا يضير القرضاوي أن يتفكك الجيش المصري حين يحرض جنوده على عدم الطاعة، والظواهري لا يضيره أن تنزلق مصر إلى اقتتال داخلي حين يصور الأمر حرباً على الاسلام، أما العريان فيذهب إلى ما هو أبعد، حين يدعو لانتهاك السيادة الوطنية لمصر واستقلالها بالدعوة الصريحة لتدخل الغرب في تقرير مصير التطورات السياسية فيها، مع ما تمثله مصر من ثقل وازن في الخريطة الإقليمية والدولية، ومع ما تعنيه سيادة مصر واستقلال قرارها الوطني من مكانة في ضمائر المصريين وأفئدتهم .