حالة العداء المستحكم الذي يتخذه البعض ضد القوى الوطنية المعارضة،
تجعله في أغلب الأحيان يتخذ مواقف سلبية ليس تجاه المعارضة فحسب وإنما تجاه
الوطن ككل وأحياناً تجاه نفسه، وكل ذلك لهدف وحيد وهو إضعاف هذه القوى
ومحاربتها بجميع الوسائل المتاحة.
لا يمكن تفسير موقف أحد أعضاء مجلس
بلدي العاصمة من قرار حل المجلس وتعيين عشرة أعضاء بدلاً من الأعضاء
المنتخبين الحاليين إلا من هذا المنظار، فكيف يمكن لعضو بلدي انتخبه الناس
لقضاء مصالحهم وتحسين أوضاع منطقتهم أن يقف مع قرار حل المجلس بحجة أن
«العضو البلدي لا يمكن له أن يوقف المخالفات والتجاوزات التي تحدث في
دائرته بسبب علاقته الشخصية مع الناخبين». إن كان الأمر كذلك فإنه ليس هناك
خصوصية لمجلس بلدي العاصمة، وذلك يعني أنه يجب حل جميع المجالس البلدية في
جميع المحافظات وتعيين الممثلين البلديين بدلا من المنتخبين، وذلك ما يمثل
تراجعا عن التجربة الديمقراطية والعودة للوراء.
ممثل الدائرة الأولى
في مجلس بلدي العاصمة غازي الدوسري هو الوحيد من بين جميع الأعضاء الذي
اتخذ هذا الموقف الشاذ وغير المفهوم تماماً، وبعكس بقية الأعضاء الذين يرون
أن هذا القرار «لا علاقة له بنية صافية لتطوير العاصمة بقدر ما هو توجّه
سياسي لأهداف محددة»، فإن الدوسري يرى أن «تشكيل الأمانة العامة للعاصمة
وتعيين أعضائها العشرة سيفتح باب الاستثمارات وسيدخل البلاد منعطفاً
استثمارياً متطوراً لا توجد أسباب تعوقه»، وكأن المجالس البلدية هي العائق
الوحيد أمام الاستثمارات الأجنبية، وكأن المهمة الوحيدة للمجالس البلدية هي
جذب الاستثمارات للمنطقة التي تمثلها.
أعضاء مجلس بلدي العاصمة
يؤكدون أن هذا المقترح هو لحجب المخالفات التي يقوم بها مكتب الوزير من
خلال منح التراخيص لمحلات تجارية في أماكن غير مسموح بها وبصفة مخالفة
للاشتراطات، والتستر على ملفات الفساد والتجاوزات الحاصلة في الوزارة طوال
الأعوام الماضية ولتحميل المجالس البلدية عامة مسئولية إخفاقات الوزارة
وتعطيلها للمشروعات والخدمات، ويشيرون إلى أن 80 في المئة من التوصيات
والقرارات التي أحيلت للوزارة لم يتم الرد عليها حتى الآن.
لو كان
هناك موقف وطني موحد لما اقترح النواب وبتوجيه من الوزير إلغاء مجلس بلدي
العاصمة، ولأسباب غير مقنعة تماماً وتتنافى مع الدستور في حق المواطنين في
انتخاب ممثليهم البلديين، ولما كان لأحد أعضاء المجلس أن يتخذ هذا الموقف.