الحرب هي جزء من الفكر الإمبريالي الاستعماري ، منذ صعود الرأسمالية العالمية منذ أكثر من قرنين ، وإحتلال العديد من البلدان في العالم . بعد بروز الاتحاد السوفياتي وبعد الإنتصار العظيم على النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية في عام 1945م، تغيرت المعادلة الدولية ، وذلك بتصاعد دور الاتحاد السوفياتي كقوة عظمى في العالم ، الذي حافظ على التوازن الدولي لعقود من السنيين، حيث لا تستطيع الإمبريالية العالمية ، وتحديداً الإمبريالية الامريكية المتوحشة التحكم بمصائر الشعوب والبلدان في العالم ، في ظل وجود الاتحاد السوفياتي حليفاً وصديقاً للشعوب والبلدان المناضلة ضد الاستعمار والإمبريالية ، والتواقة للحرية والإستقلال الوطني والعدالة الإجتماعية من نير الإحتلال والهيمنة الأستعمارية .
بانتهاء الحرب العالمية الثانية نالت العديد من الشعوب والبلدان إستقلالها الوطني في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ، وبرز دور حركة التحرر الوطني في العالم ضد الإستعمار والرجعية والدكتاتورية العسكرية والإمبريالية العالمية ، ولم تعد الإمبريالية قادرة على السيطرة أو فرض شروطها و إملاءاتها على الدول والشعوب المستقلة ، بل خسرت العديد من مواقعها الاستراتيجية في أكثر من دولة ، وأصبح شعار الحرية والإستقلال الوطني ، مرادفاً لشعار السلام العالمي الذي رفع ضد الحرب بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945م، وأصبح ذلك الشعار جزء من الوعي الثقافي والإنساني في إعلام الدول الاشتراكية ، والأحزاب الشيوعية والعمالية ، ومنظمات العمال والنساء والشباب والطلاب ، وفي مهرجانات الشبيبة والطلبة العالمية المناهضة للحرب والعدوان الإمبريالي على أي دولة من الدول الوطنية المستقلة، في الوقت الذي كانت تدق طبول الحرب والعدوان العسكري من قبل الإمبريالية الامريكية على كوبا الاشتراكية في عام 1961م، ولكن تلك المحاولة فشلت قبل أن تبدأ ، بعد التحذير السوفياتي الصارم و القوي ، الذي أوقف المغامرة العسكرية للإمبريالية الامريكية على كوبا، وجنب العالم حرب عالمية ثالثة مدمرة .
فيما بعد عرف العالم ، الحرب الباردة ما بين المعسكرين الاشتراكي والإمبريالي ، ولكن بفضل وجود التوازن الدولي ( العسكري ) ، لم تحدث حرب نووية ، بالرغم من التهديدات الصادرة من الطرفين بين الفينة والأخرى .
في ظل وجود الحرب الباردة ما بين المعسكرين الاشتراكي والإمبريالي ، حدثت العديد من الحروب الأهلية والأقليمية في أكثر من بقعة من بقاع العالم وسقط فيها الآلاف والملايين من الضحايا والجرحى ( واحدة من تلك الحروب المدمرة ، الحرب العراقية الإيرانية من 1980م إلى عام 1988م ) أسباب تلك الحروب العدوانية والعبثية مغامرات ذلك الرئيس أو القائد العسكري من هذه الدولة أو تلك ، والشعوب هي الضحية ، بعض تلك الحروب بتأييد و بدعم من الإمبريالية الامريكية .
بأنهيار الاتحاد السوفياتي و دول المنظمومة الاشتراكية في بداية تسعينات القرن الماضي ، أصبح العالم يتحكم فيه قطباً واحداً ( الإمبريالية الامريكية ) ، تعربد وتفرض شروطها على الدول التي لا تروق لها و لا تسير في الفلك الامريكي ، الشعوب تكون هي الضحية .
مبدأ السلام العالمي لا يعني للإمبريالية الامريكية شيئ ، هي تريد فرض هيمنتها وإرادتها على الشعوب والبلدان المستقلة ، والحفاظ على مصالحها ونفوذها في المنطقة بأي ثمن كان ، كما لا تريد أن تخسر شركات صناعة الأسلحة والكارتيلات المالية والاقتصادية الامريكية . تريد أنقاذ شركات المجمع المالي والصناعي من أزمتهم المالية من خلال تشغيل المصانع الحربية وتدفق الأموال للخزينة الامريكية وأجبار الحلفاء في منطقة الخليج بعقد مزيد من الصفقات لشراء الأسلحة الامريكية والبريطانية والفرنسية المتطورة بمليارات الدولارات ، بدريعة الدفاع عنها ، وإسقاط النظام السوري ، من خلال العدوان العسكري على سوريا ، وإضعاف حلفاء سوريا في المنطقة ( ايران ، حزب الله ) ، لا يهم الأمريكان ماذا سيحدث بعد الضربة العسكرية على سوريا في المنطقة ، من المهم بالنسبة لهم أن تبدأ الحرب ، بغض النظر عن سقوط الضحايا من الأبرياء من أبناء شعوب المنطقة والدمار الشامل الذي ستخلفه ، يريدون تجربة أسلحتهم الجديدة في الحرب القادمة ، هم يعرفون جيداً بأن الحرب لن تحقق الحرية أو الديمقراطية أو العدالة الإجتماعية ، الحرب يعني تدمير ما تبقى من البنية التحتية لسوريا ( الحرب يعني الدمار والخراب ) أنها الكارثة على الشعوب والبلدان في المنطقة ، الحرب تزيد من معاناة الشعب السوري الشقيق ، المستفيد هي الإمبريالية الامريكية وحلفاءها وتحديداً اسرائيل .
من يؤيد قرار شن الحرب على سوريا لأسباب مختلفة اليوم ، سوف يندم على ذلك الموقف ، عندما تصل شرارتها لبلدانهم ، الحرب هي الكارثة .