تُستأنف بعد غدٍ (الخميس) جلسات حوار التوافق الوطني بعد أن جُمدت لأكثر
من شهر ونصف بناء على طلب الجانب الرسمي وجمعيات تجمع الفاتح، وبعد أن
أدرك السواد الأعظم من الناس أن الحل لن يكون من داخل طاولة الحوار، إلا
إذا جاءت تعليمات عليا تدفع بهذا الاتجاه.
حتى الآن وبعد مرور أكثر
من ستة أشهر على بدء الحوار في شهر فبراير/ شباط الماضي لم تتقدم المباحثات
ولو بوصة واحدة، ومازال المتحاورون يبحثون بعد 26 جلسة محور (المبادئ
والثوابت والقيم) ولم يصلوا لبحث جدول الأعمال بعدُ.
ومن المتوقع أن
تثار مشكلة التمثيل المتكافئ مرة أخرى على الطاولة بعد أن لم يتم حسمها في
الجلسات الأخيرة، ويمكن القول بأن أيّاً من النقاط المهمة لم يتم حسمها،
كما لن يتم التوافق على أيِّ بند تطرحه الجمعيات المعارضة ويصب في صالحها.
موضوع
التمثيل المتكافئ وطلب الجمعيات السياسية المعارضة استبدال من يُسمّون
بالمستقلين يمثل نقطة مفصلية، وخصوصاً بعد أن تم الدفع بكل قوة ليتم تمرير
قضية تمثيل الحكم في الحوار تحت عنوان «غير متوافق عليه».
هناك من
يرى أن عرقلة أو رفض طلب التمثيل المتكافئ يمكن أن يؤدي إلى فشل الحوار، أو
موته من خلال انسحاب القوى المعارضة من طاولة الحوار، وهي خطوة باتت قاب
قوسين أو أدنى؛ إذ يجد أعضاء تحالف المعارضة أنفسهم محاصرين من جميع
الجوانب بخصوم على رأي واحد حتى ولو اختلفت توجهاتهم، وبالتالي فإن
المستقلين ما هم إلا الضلع المكمل لمثلث السلطة والجمعيات الموالية لها.
كما
يرى البعض أنه من غير الجائز أبداً أن يتم إشراك عناصر وجهات تتضارب
مصالحها مع أيِّ حلٍّ قد يقود في نهاية المطاف إلى خسارتها لموقعها الحالي،
فمن المؤكد أن تتخذ هذه الأطراف موقفاً يدافع عن مصالحها هي وليس مصالح
المجتمع، ولذلك نرى أن موقف من يُسمَّون بالمستقلين كان أكثر تصلباً في
كثير من الأحيان من موقف الحكومة أو الجمعيات الموالية.
إن ما يتم
طرحه من جانب المعارضة بأهمية إدخال عناصر مستقلة مهم جداً في هذه المرحلة،
مع التأكيد على مفهوم الاستقلالية، وشروطها، ذلك ما يمكن أن يخلق توازناً
بين الأطراف، كما يمكن أن يلعب دوراً مهماً في تقريب وجهات النظر، أو طرح
بدائل وأفكار مختلفة.
ولكي ننقذ الحوار، ولكي لا تكون هناك حاجة إلى
عقد حوار وطني للمرة الثالثة بصورة أخرى وبشخوص وظروف وشروط أخرى، فإن ذلك
لن يتم إلا عند تغليب صوت العقل وليس صوت المصلحة.