إنّ تأسيس لجنة وطنية للمتقاعدين بادرة تستحق الشكر من القائمين عليها من المتقاعدين القدماء. وهي خطوة رائعة حتى ان جاءت متأخرة. بيد أنّ السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو لماذا لجنة وطنية للمتقاعدين؟ الاجابة: لاكثر من سبب اهمها الاهتمام بقضاياهم والدفاع عن حقوقهم والاستفادة من تجارب الكثيرين منهم ونقل خبراتهم لاخوانهم الموظفين أولاً والدفاع عن مكاسب مصالح المتقاعدين في الدرجة الثانية الذين بقوا يعانون الاجحاف.
ثمة تصوّر بأنّ حياة المتقاعد هي نهاية الحياة وهو تصور خاطئ ولابدّ من اعادة مفهومه بما ينسجم مع الواقع. ذلك انّه من الضرورة دخول المتقاعدين في آفاق ارحب تعزز من عطائهم وبذلهم المستمر. التقاعد هو بداية لحياة جديدة وفرصة لاكتشاف الذات. وانّ العمل والابداع ليس محصوراً بسن محددة وهناك من استطاع اجتراح أجمل الابداعات بعد نهاية الخدمة. أي بعد الستين من العمر كالفنان العالمي مايكل انجلو الذّي ابدع أجمل اعماله الفنية الخالدة وهو في الثمانين. وهناك معمر تجاوز التسعين من العمر تمكن من تسلق قمة افرست ومعمرة فرنسية ناهزت المئة عام ولم تزل تمارس ركوب الدراجة الهوائية. أمّا الرئيس الاميركي ابراهم لنكولن فانه اصبح رئيساً للولايات المتحدة بعد ان تجاوز سن التقاعد بثمانية اعوام… انّ سنوات الخبرة لهذه الشريحة على مدى عقود ثلاثة اكسبتهم تجارب وخبرات متعددة وكان يجب ان تستثمر بما يحقق للشخص للفرد أولا وللمجتمع ثانياً. هكذا كانت تتعامل دول الشرق والغرب مع هذه الطاقات الخلاقة.
والتجربة اليابانية يمكن الاستشهاد بها كنموذج جدير بالاحتفاء. اذ انّ هذه الدّولة اعدّت الخطط لاعادة توظيف ذوي الخبرات كمستشارين في الادارات الحكومية مع منحهم امتيازات تناسب سن التقاعد. واعتقد أنّ هذا ينسجم مع طموح اليابانيين في العمل المتواصل والانتاج حتى آخر يوم في حياتهم.
ونتيجة لما يعانيه المتقاعدون لدينا من اوضاع بائسة من تهميش واهمال وفراغ نفسي وعوز وحرمان فانّ الدعوة الى تاسيس كيان كاللجنة الوطنية المشار اليها تحتضنهم يصبح اكثر من ضرورة لا مناص منها وبالاخص في هذه السن.
نود الاشارة الى انّ تاسيس لجنة وطنية للمتقاعدين ليست فكرة طارئة بل هي مترسخة في عدة بلدان عربية كمصر والسودان والجزائر والمغرب والاردن وفلسطين وتطورت الجهود الى انشاء اتحاد للمتقاعدين العرب.
لا يخامرنا ادنى شك أنّ قيام نقابة للمتقاعدين البحرينيين ستكون موضع احتفاء من جميع المتقاعدين لسبب بسيط وهو أنهم كانوا بعد عقود طويلة من العطاء بلا مظلة تحميهم وتسعى لرعايتهم وتحسين شروط الحياة النفسية والمعيشية. ما يتطلع اليه المتقاعدون بعد ان تخرج اللجنة الى الوجود هو ليس فقط تحسين الاوضاع المادية لهم بل الاهمّ هو رعاية شؤونهم الصحية والامل ان تسعى لجنة المتقاعدين لتأسيس ناد صحيّ يمارسون فيه الرياضات بمختلفها ذلك انّ الاندية الخاصة تفوق طاقات الاغلبية منهم على الالتحاق بها.
انّ انشاء لجنة للمتقاعدين يمثل حلما للمتقاعدين طال انتظاره لانتشالهم من حالة السأم المدمرة. وستكون بديلاً للبعض منهم ممن يقضون جُلّ أوقاتهم في المجمعات التجارية التي تحولت الى ملاذٍ آمن لهم يجدون فيها الراحة والمتعة مما لا توفره أماكن أخرى.
من بين طموحات المتقاعد أن تحقق اللجنة المنتظر قيامها في القريب هو تجسيد الضمان الصحيّ نظرا لكون المتقاعدين في هذه السنّ عُرضةً للامراض وعلاجها مما تفوق قدراتهم المحدودة.
واليوم يقع على عاتق الدّولة اعداد الخطط للاستفادة من خبرات المتقاعدين في مختلف التخصصات المهنية والادارية.