مع اشتداد الأزمة الطائفية في البحرين واتساع الهوة بين مكونات المجتمع،
طرح مجموعة من المخلصين في البلد عدداً من المبادرات الشجاعة لإعادة
اللحمة الوطنية، والتقريب بين مكونات المجتمع بعيداً عن الاستقطابات
السياسية والأيدلوجية، ولكن مع الأسف مع مرور الوقت أيقن هؤلاء أن الجرح
اتسع بأكثر مما يمكن معالجته بالنوايا الصادقة والحب الخالص لهذا الوطن.
في
أواخر شهر يناير/ كانون الثاني 2012 اجتمع ما يقارب من 300 مواطن من
الطائفتين في نادي العروبة ليشكّلوا «الملتقى الوطني»، الذي هدف إلى تعزيز
الروابط والوحدة الاجتماعية، والحفاظ على النسيج الاجتماعي البحريني، كما
أعلن بعد فترة قصيرة عدد من المواطنين في المحافظة الوسطى تشكيلهم لـ
«مجموعة تواصل» حيث أكّدوا في بياناتهم أن الهدف الأساسي من تشكيلهم
للمجموعة هو نبذ الطائفية والانقسام الطائفي في المجتمع والسعي إلى تبني
ونشر وإشاعة ثقافة وقيم التسامح والاعتدال وترسيخ مفهوم المواطنة القائمة
على الإيمان بالوحدة الوطنية.
وفي شهر يوليو/ تموز من العام نفسه
أطلق سهيل غازي القصيبي المؤسسة البحرينية للمصالحة والحوار المدني بمساندة
سمو ولي العهد، حيث تعمل هذه المؤسسة على تنظيم الفعاليات والأنشطة
الاجتماعية والتوعوية وغيرها لتسهيل تبادل الأفكار بين مختلف شرائح المجتمع
بهدف تعزيز المصالحة والحوار المدني، وتعزيز التلاحم الوطني عن طريق
الحوار الهادف.
جميع هذه المبادرات وغيرها، ورغم تأكيدها على أن
نشاطها اجتماعي بالدرجة الأولى، اصطدمت بواقع تجاهلها من قبل البعض وعدم
الجدية في التعامل مع ما تطرحه من مبادرات لإعادة لم الشمل، وفي أحيان
كثيرة تم معاداتها ومحاربتها والتشهير بالقائمين عليها.
وحسب آخر
تقرير للقاء الوطني، فبعد أربعة أشهر من العمل في إيصال فكرته للمجتمع
البحريني، حيث قام بترتيب لقاءات مع الجمعيات السياسية الفاعلة لطرح فكرة
الحوار بين أطياف المجتمع للخروج من الأزمة، «كان رد الجمعيات السياسية
المعارضة إيجابياً في حين اتسم موقف جمعيات ائتلاف الفاتح بعدم المرونة،
كما رفضت الاجتماع بالجمعيات المعارضة، ووضعت شروطاً مسبقةً قبل المشاركة
في أي الحوار، كما أن هذه الجمعيات لم تكتفِ برفض المبادرة، ولكنها لم
تقدّم أو تقترح حلولاً أو بديلاً يخرج البحرين من أزمتها الراهنة».
هذا
ما يخص الجمعيات السياسية وتعاملها مع مبادرات إعادة اللحمة الوطنية، أما
ما يخص الحكومة فإن موقفها لم يكن أفضل من جمعيات ائتلاف الفاتح، فلم تبدِ
الحكومة أي تشجيع أو تبنٍّ أو المشاركة بجدية في مبادرات إعادة اللحمة
الوطنية، وإنما طرحت بدائل هزيلة، لذر الرماد في العيون كمبادرة «وحدة
وحدة» وغيرها من المبادرات التي طرحت للاستهلاك الإعلامي فقط.
وبالطبع
كان للإعلام الرسمي وشبه الرسمي الدور الأكبر في محاربة أي تحرك للمصالحة
الوطنية، من خلال الترويج لثقافة الكره والحقد بين أفراد المجتمع، وبث
الخوف بين الناس، وللأسف استطاع هذا الإعلام أن يجهض جميع المبادرات
المنادية بالوحدة الوطنية وإعادة اللحمة بين أفراد المجتمع الواحد.