العالم
والعلاقات الدولية، منذ ظهور أولى الدول العسكرتارية ذات النزعات الحربية
التوسعية قبل الميلاد، لم يكونا يوماً عالماً ونظاماً يحتملان التعددية .
فنحن اليوم أمام نظام حكم عالمي مُطلق، ما زالت تتحكم في مصائره، القوى
التقليدية . فالولايات المتحدة التي تقوم بدور رئيسة الحكومة العالمية غير
المتوجة، لا تعترف بالتعددية القطبية . فما بالك بالتعددية العالمية الأكثر
شمولاً . فهي تتصرف في الشؤون العالمية بوحي من عقيدتها الأيديولوجية
الإقصائية، بما أفضى إلى إنتاج نظام عالمي دكتاتوري الطابع والنزعة .
والعلاقات الدولية، منذ ظهور أولى الدول العسكرتارية ذات النزعات الحربية
التوسعية قبل الميلاد، لم يكونا يوماً عالماً ونظاماً يحتملان التعددية .
فنحن اليوم أمام نظام حكم عالمي مُطلق، ما زالت تتحكم في مصائره، القوى
التقليدية . فالولايات المتحدة التي تقوم بدور رئيسة الحكومة العالمية غير
المتوجة، لا تعترف بالتعددية القطبية . فما بالك بالتعددية العالمية الأكثر
شمولاً . فهي تتصرف في الشؤون العالمية بوحي من عقيدتها الأيديولوجية
الإقصائية، بما أفضى إلى إنتاج نظام عالمي دكتاتوري الطابع والنزعة .
ولعل
هذا يقودنا إلى المنابع الأولى التي استقى منها هذا النهج مرئياته
و”مناقبياته” وتشرب بها، إلى حيث تستقر مرئيات الفيلسوف الأثيني أفلاطون
الذي جعل مفهوم الحق والعدل مرادفين لمفهوم القوة، أو كما أعلن حينها وكان
ذلك في القرن الخامس قبل الميلاد، الفيلسوف السفسطائي الإغريقي ثراسيماخوس
“إن القوة هي الحق، وأن العدالة هي مصلحة الأقوى”، أو كما ورد على لسان
السفسطائي الآخر “كاليكلس” في إحدى محاورات أفلاطون، من “أن الأخلاق بدعة
من اختراع الضعفاء لتقييد قوة الأقوياء (السفسطائي هو إنسان يقوم بمحاججة
تبدو وكأنها موافقة للمنطق، لكنها تصل في النهاية إلى استنتاج غير مقبول،
سواء لتعذره، أو لاستعماله الإرادي المغلوط لقواعد الاستنتاج) .
هذا يقودنا إلى المنابع الأولى التي استقى منها هذا النهج مرئياته
و”مناقبياته” وتشرب بها، إلى حيث تستقر مرئيات الفيلسوف الأثيني أفلاطون
الذي جعل مفهوم الحق والعدل مرادفين لمفهوم القوة، أو كما أعلن حينها وكان
ذلك في القرن الخامس قبل الميلاد، الفيلسوف السفسطائي الإغريقي ثراسيماخوس
“إن القوة هي الحق، وأن العدالة هي مصلحة الأقوى”، أو كما ورد على لسان
السفسطائي الآخر “كاليكلس” في إحدى محاورات أفلاطون، من “أن الأخلاق بدعة
من اختراع الضعفاء لتقييد قوة الأقوياء (السفسطائي هو إنسان يقوم بمحاججة
تبدو وكأنها موافقة للمنطق، لكنها تصل في النهاية إلى استنتاج غير مقبول،
سواء لتعذره، أو لاستعماله الإرادي المغلوط لقواعد الاستنتاج) .
على
أن الدقة تقتضي القول إن أفلاطون (427-347 ق .م) لم يقصد بقوله ذاك تمجيد
القوة بقدر قراءته التقريرية للمأساة التي انتهت إليها حياة أستاذه ومعلمه
فيلسوف أثينا الكبير سقراط (469-399 ق .م)، والمتمثلة في تجرعه السم الزعاف
تنفيذاً لحكم المؤسسة الديمقراطية الأثينية المتمثلة في مجلس الشيوخ
المنتخب . فأراد التعبير عن حنقه على تلكم الديمقراطية “الشعبوية” التي أتت
بحكومة منتخبة لم تتورع عن قتل “أفضل البشر”، على حد تعبيره، وكان يقصد
معلمه وقدوته سقراط . فلم يكن يتصور أن يولد الخير الشر ورمزيته “القوة”
التي قضت على فيلسوف حكيم قلبه مفعم بالحب وعمل الخير للمجتمع، وهو الذي
كرّس جل حياته لتوعية الناس وتنويرهم وتثقيفهم . وإجلاءً لفكرته حول علاقة
الحق بالقوة يقول أفلاطون: إن العدالة ليست مجرد القوة ولكنها انسجام القوة
مع الرغبات، وإن العدالة ليست حق الأقوى ولكنها الانسجام الفعال للكل، وإن
إحراز السلطة إنما يكون بقوة العقل لا بقوة الغاب المتوحشة . ويرى أفلاطون
أن الدولة صورة مكبرة للفرد، والفرد صورة مصغرة للدولة . فالدولة بهذا
المعنى هي الهيكل الضخم لهذا الفرد، وبما أن “القوة الناطقة” في الفرد
تعتبر أعظم القوى جميعاً لذلك يجب أن تكون الفلسفة من وجهة نظره هي القوة
الحقيقية في توجيه الدولة التي يجب أن يكون على رأس هرمها فيلسوف حكيم .
أن الدقة تقتضي القول إن أفلاطون (427-347 ق .م) لم يقصد بقوله ذاك تمجيد
القوة بقدر قراءته التقريرية للمأساة التي انتهت إليها حياة أستاذه ومعلمه
فيلسوف أثينا الكبير سقراط (469-399 ق .م)، والمتمثلة في تجرعه السم الزعاف
تنفيذاً لحكم المؤسسة الديمقراطية الأثينية المتمثلة في مجلس الشيوخ
المنتخب . فأراد التعبير عن حنقه على تلكم الديمقراطية “الشعبوية” التي أتت
بحكومة منتخبة لم تتورع عن قتل “أفضل البشر”، على حد تعبيره، وكان يقصد
معلمه وقدوته سقراط . فلم يكن يتصور أن يولد الخير الشر ورمزيته “القوة”
التي قضت على فيلسوف حكيم قلبه مفعم بالحب وعمل الخير للمجتمع، وهو الذي
كرّس جل حياته لتوعية الناس وتنويرهم وتثقيفهم . وإجلاءً لفكرته حول علاقة
الحق بالقوة يقول أفلاطون: إن العدالة ليست مجرد القوة ولكنها انسجام القوة
مع الرغبات، وإن العدالة ليست حق الأقوى ولكنها الانسجام الفعال للكل، وإن
إحراز السلطة إنما يكون بقوة العقل لا بقوة الغاب المتوحشة . ويرى أفلاطون
أن الدولة صورة مكبرة للفرد، والفرد صورة مصغرة للدولة . فالدولة بهذا
المعنى هي الهيكل الضخم لهذا الفرد، وبما أن “القوة الناطقة” في الفرد
تعتبر أعظم القوى جميعاً لذلك يجب أن تكون الفلسفة من وجهة نظره هي القوة
الحقيقية في توجيه الدولة التي يجب أن يكون على رأس هرمها فيلسوف حكيم .
الفيلسوف
الألماني فريدريك نيتشه (1844-1900) كان أكثر صراحة في التعبير عن مقته
لما أسماه خواص الضعف واللين والرقة لدى كثير من بني البشر لاسيما العوام،
فهو يرى أن هدف التطور هو العباقرة لا جماهير الشعب، لكأني به يستعير بذلك
فكرة أفلاطون القائلة إن الفلاسفة فقط هم من يجب أن يسوسوا (يُديروا) الدول
.
الألماني فريدريك نيتشه (1844-1900) كان أكثر صراحة في التعبير عن مقته
لما أسماه خواص الضعف واللين والرقة لدى كثير من بني البشر لاسيما العوام،
فهو يرى أن هدف التطور هو العباقرة لا جماهير الشعب، لكأني به يستعير بذلك
فكرة أفلاطون القائلة إن الفلاسفة فقط هم من يجب أن يسوسوا (يُديروا) الدول
.
وعلى
هذا الأساس طرح نيتشه مفهومه حول الإنسان السوبر (الإنسان الأسمى) الإنسان
غير العادي، الذي يستطيع التأثير في التاريخ، والتأثير في تشكيل وعي الناس
وأفكارهم ورؤاهم وقيمهم . ويذهب في منظوره العدمي هذا لحد القول: ‘بما أن
القوة وحدها وليست الشفقة هي الأساس للأخلاق، لذلك ينبغي على الإنسانية
ألا تتجه بجهودها إلى رفع طبقة العوام والأكثرية من الشعب، ولكن إلى النهوض
بأقوى وأفضل الأفراد في الشعب . وأن يكون هدف الإنسانية هو الإنسان الأعلى
وليس الجنس البشري بأسره .
هذا الأساس طرح نيتشه مفهومه حول الإنسان السوبر (الإنسان الأسمى) الإنسان
غير العادي، الذي يستطيع التأثير في التاريخ، والتأثير في تشكيل وعي الناس
وأفكارهم ورؤاهم وقيمهم . ويذهب في منظوره العدمي هذا لحد القول: ‘بما أن
القوة وحدها وليست الشفقة هي الأساس للأخلاق، لذلك ينبغي على الإنسانية
ألا تتجه بجهودها إلى رفع طبقة العوام والأكثرية من الشعب، ولكن إلى النهوض
بأقوى وأفضل الأفراد في الشعب . وأن يكون هدف الإنسانية هو الإنسان الأعلى
وليس الجنس البشري بأسره .
ويقطع
نيتشه بلا هواده في القول إن الحكم الفصل في جميع الخلافات ومصائر الأمور
هو القوة لا العدالة، متأثراً على ما هو واضح بمرئيات وتطبيقات بسمارك
(أتوفون بمسارك 1815-،1898 موحد الولايات الألمانية ومؤسس الامبراطورية
الألمانية أو ما يسمى ب “الرايخ الألماني الثاني” الذي اتخذه القوميون
الألمان بطلاً لهم ولقبوه بالمستشار الحديدي) .
نيتشه بلا هواده في القول إن الحكم الفصل في جميع الخلافات ومصائر الأمور
هو القوة لا العدالة، متأثراً على ما هو واضح بمرئيات وتطبيقات بسمارك
(أتوفون بمسارك 1815-،1898 موحد الولايات الألمانية ومؤسس الامبراطورية
الألمانية أو ما يسمى ب “الرايخ الألماني الثاني” الذي اتخذه القوميون
الألمان بطلاً لهم ولقبوه بالمستشار الحديدي) .
وبحسب
تعبيره (نيتشه) فإن “الأخلاق هي إرادة القوة، وأن العقل والأخلاق عاجزان
أمام إرادة القوة هذه” . فلا غرو أن اتُهم (نيتشه) بالعدمية، ولا غرو في أن
يتبنى أيديولوجيو الفاشية آراءه في ما بعد، وأن تتبناها أيضاً النازية
الألمانية وتعمل بتعاليمها . إذ تغدو الابسيتمولوجيا المهيمنة – بهذا
المعنى – رهينةً للروح الميكافيلية التي توجهها . ولما كانت هذه الروح
ومعها إرادة القتال المتحفزة بحاجة إلى فلسفة لتبريرها ، فقد وجدت في
“مآثر” نيتشه الفلسفية ضالتها .
تعبيره (نيتشه) فإن “الأخلاق هي إرادة القوة، وأن العقل والأخلاق عاجزان
أمام إرادة القوة هذه” . فلا غرو أن اتُهم (نيتشه) بالعدمية، ولا غرو في أن
يتبنى أيديولوجيو الفاشية آراءه في ما بعد، وأن تتبناها أيضاً النازية
الألمانية وتعمل بتعاليمها . إذ تغدو الابسيتمولوجيا المهيمنة – بهذا
المعنى – رهينةً للروح الميكافيلية التي توجهها . ولما كانت هذه الروح
ومعها إرادة القتال المتحفزة بحاجة إلى فلسفة لتبريرها ، فقد وجدت في
“مآثر” نيتشه الفلسفية ضالتها .