تسيطر الآراء
الأحادية الجانب على السياسيين البحرينيين، فإما أسود معتم وإما أبيض ناصع،
وحين تقرأ أعمدةَ من يحسبون أنفسهم على المعارضة تجد أن كل شيء رديء، وليس
ثمة شيء إيجابي في الواقع، ويُكتب ذلك بصورة عاطفية وعبارات مفتوحة على أي
شيء، بنفس عقلية مظاهرات الخمسينيات.
المعارضة بهذا الشكل سهلة، فهي صراخ وحدة، ولا يوجد تحليل وقراءة لظروف الناس ولا كشف لتناقضات الواقع.
هؤلاء
ينطلقون من سكون الواقع، ولونه الواحد وغياب الأقطاب التاريخية داخله،
مثلهم مثل كتاب مدح النظام وشتم المعارضة، الواقع هو نفسه ولكن بلون آخر،
ولا توجد هنا سلبيات.
ينطلقون من سكون الواقع، ولونه الواحد وغياب الأقطاب التاريخية داخله،
مثلهم مثل كتاب مدح النظام وشتم المعارضة، الواقع هو نفسه ولكن بلون آخر،
ولا توجد هنا سلبيات.
حين تكلم الشيخ عيسى قاسم عن الحوار الوطني في
خطبةِ جمعة سابقة حددَ الواقع السياسي بصورة معينة، فقال إن الطرف المعارض
لديه أصوات قليلة فيما هو صوت الشعب، في حين أن طرف السلطة يمتلك أغلبية
الأصوات في هذا الحوار.
خطبةِ جمعة سابقة حددَ الواقع السياسي بصورة معينة، فقال إن الطرف المعارض
لديه أصوات قليلة فيما هو صوت الشعب، في حين أن طرف السلطة يمتلك أغلبية
الأصوات في هذا الحوار.
بهذا الوعي قامَ بتجريد الواقع السياسي المتنوع
الأهلي في ثنائيةِ الأسود والأبيض، فقام بإلغاءِ الألوان، وتعددية
التيارات، معتبراً ما هو مجسدٌ لصوتهِ الشخصي بأنه هو صوت الشعب والحقيقة.
الأهلي في ثنائيةِ الأسود والأبيض، فقام بإلغاءِ الألوان، وتعددية
التيارات، معتبراً ما هو مجسدٌ لصوتهِ الشخصي بأنه هو صوت الشعب والحقيقة.
هذا
الموقف التجريدي الذي يلغي من جهةٍ ويضخمُ من جهةٍ مضادة، يرتكزُ على رؤية
تأملية بعيدة عن الواقع، من ذاتٍ لا تختبرُ الواقعَ والوجود، وتصدرُ
الأحكامَ من علٍ بعيد.
الموقف التجريدي الذي يلغي من جهةٍ ويضخمُ من جهةٍ مضادة، يرتكزُ على رؤية
تأملية بعيدة عن الواقع، من ذاتٍ لا تختبرُ الواقعَ والوجود، وتصدرُ
الأحكامَ من علٍ بعيد.
هذه الذاتُ التأملية النائيةُ تجعلُ الواقعَ
السياسي فقيراً غير قابلٍ للتغيير، ومتناقضاً كأنه يعبرُ عن ثنائية الإله
والشيطان الغيبية! أو هو الواقع الذي يمثلُ ثنائية الطائفتين اللتين لا
تكونان شعباً واحداً، ولا تقبلان التمازج وتطرحان مشروعاً تقسيمياً.
السياسي فقيراً غير قابلٍ للتغيير، ومتناقضاً كأنه يعبرُ عن ثنائية الإله
والشيطان الغيبية! أو هو الواقع الذي يمثلُ ثنائية الطائفتين اللتين لا
تكونان شعباً واحداً، ولا تقبلان التمازج وتطرحان مشروعاً تقسيمياً.
موقفُهُ
المنعزل النائي ربما هو نتاجُ عدم معرفة بقوى الطبقات الشعبية والظروف
وتاريخ الشعب، وربما هو بقاءٌ في النص المذهبي السياسي حيث تكمن الحقيقة
والمصالح العامة فحسب.
المنعزل النائي ربما هو نتاجُ عدم معرفة بقوى الطبقات الشعبية والظروف
وتاريخ الشعب، وربما هو بقاءٌ في النص المذهبي السياسي حيث تكمن الحقيقة
والمصالح العامة فحسب.
عدمُ خروجِ الشيخِ من هذا الوعي وعدم احتكاكه
بالقوى السياسية والدينية والاجتماعية المختلفة، وعدم صراعه مع الظروف
والمصالح، لا يجعله يبحث عن الحلول والتداخل مع القوى السياسية المختلفة،
من أجل أن يقارب بينها ويجد حلولاً للواقع.
بالقوى السياسية والدينية والاجتماعية المختلفة، وعدم صراعه مع الظروف
والمصالح، لا يجعله يبحث عن الحلول والتداخل مع القوى السياسية المختلفة،
من أجل أن يقارب بينها ويجد حلولاً للواقع.
لهذا يظلُ الواقع معلقاً،
مضطرباً، لا يجد حلولاً من مختلف الأصوات غير الجدلية، ولهذا كان الشيخ
عبدالأمير الجمري عاملاً سياسياً شعبياً، مرناً، يبحث عن حلول للواقع
والجماعات السياسية من خلالها فكان الواقع في زمنه أكثر تنوعاً.
مضطرباً، لا يجد حلولاً من مختلف الأصوات غير الجدلية، ولهذا كان الشيخ
عبدالأمير الجمري عاملاً سياسياً شعبياً، مرناً، يبحث عن حلول للواقع
والجماعات السياسية من خلالها فكان الواقع في زمنه أكثر تنوعاً.
ومن هنا
نجدُ ضعفَ خطابات المعارضة الدينية، المعتمدة على الإنزال الفوقي
للشعارات، والصمت غير البليغ لها حين دخلت البرلمان، والتقوقع في المقاطعة
غير المنتجة لفكر وغير المنتجة لموقف إيجابي تحويلي للواقع.
نجدُ ضعفَ خطابات المعارضة الدينية، المعتمدة على الإنزال الفوقي
للشعارات، والصمت غير البليغ لها حين دخلت البرلمان، والتقوقع في المقاطعة
غير المنتجة لفكر وغير المنتجة لموقف إيجابي تحويلي للواقع.
كان بودنا
أن يظهر هؤلاء المعارضون ويتكلمون في التلفزيون والبرلمان والصحف والحوارات
الحرة، ونكتشف ماذا يحملون من برامج وما هي رؤاهم للواقع. فكيف لمعارضةٍ
أن لا تدربُ جماعاتها على فهم الواقع ومعرفة مطالب الناس وتحسس مشاعرهم
الحقيقية، وبالتالي تغيير وتطوير خطاباتها مع آلامهم ومعاناتهم من غياب
الحلول وكأن التاريخ يتكون من حراك فئة من طائفة لا تتداخل ممارساتها مع
حياة التيارات والفئات الأخرى أو بدون جدل المعارضة والموالاة والدولة؟ فلا
بد أن يكون في المعارضة شيءٌ من الموالاة، وأن يكون في الموالاة شيء من
المعارضة!
أن يظهر هؤلاء المعارضون ويتكلمون في التلفزيون والبرلمان والصحف والحوارات
الحرة، ونكتشف ماذا يحملون من برامج وما هي رؤاهم للواقع. فكيف لمعارضةٍ
أن لا تدربُ جماعاتها على فهم الواقع ومعرفة مطالب الناس وتحسس مشاعرهم
الحقيقية، وبالتالي تغيير وتطوير خطاباتها مع آلامهم ومعاناتهم من غياب
الحلول وكأن التاريخ يتكون من حراك فئة من طائفة لا تتداخل ممارساتها مع
حياة التيارات والفئات الأخرى أو بدون جدل المعارضة والموالاة والدولة؟ فلا
بد أن يكون في المعارضة شيءٌ من الموالاة، وأن يكون في الموالاة شيء من
المعارضة!
ولهذا تكون الأعمدة والمقالات والتغريدات سهلة عبر لون واحد،
ومع اللون الآخر المضاد المصاب بنفس العاهة، يكون لنا خطان متوازيان لا
يلتقيان.
ومع اللون الآخر المضاد المصاب بنفس العاهة، يكون لنا خطان متوازيان لا
يلتقيان.
وما أسهل تحويل الموالاة إلى خطاب زاعق، وتغييب القراءة
الموضوعية، وعدم رؤية الأخطاء في معسكر الفئة المنصورة، والتي تتحول كلها
إلى المعسكر الآخر.
الموضوعية، وعدم رؤية الأخطاء في معسكر الفئة المنصورة، والتي تتحول كلها
إلى المعسكر الآخر.
ليس الأمر أمر خطين متوازيين كما تحاول هذه الجماعات
أن تُبقي تاريخنا الراهن بهذا الاصطفاف، بل هي خطوطٌ متعددة متداخلة يعتمد
نموها وتكونها الوطني الديمقراطي على مساهمات موضوعية من هذه الخطوط التي
لها كلها أهمية ودور وخاصة حين تقرأ وجهات النظر الأخرى، وشروط معيشة
الفئات المختلفة ومعاناتها في غياب الحلول التوحيدية وانتشار الحلول
العنفية التفكيكية للبلد والشعب.
أن تُبقي تاريخنا الراهن بهذا الاصطفاف، بل هي خطوطٌ متعددة متداخلة يعتمد
نموها وتكونها الوطني الديمقراطي على مساهمات موضوعية من هذه الخطوط التي
لها كلها أهمية ودور وخاصة حين تقرأ وجهات النظر الأخرى، وشروط معيشة
الفئات المختلفة ومعاناتها في غياب الحلول التوحيدية وانتشار الحلول
العنفية التفكيكية للبلد والشعب.
المساهمات العقلانية التوحيدية النقدية
المتسامحة حين تنطلق من كل القوى وتساهم في الإصلاح تعيد تكوين الناس ولن
يعودوا خطين متوازيين لا يلتقيان.
المتسامحة حين تنطلق من كل القوى وتساهم في الإصلاح تعيد تكوين الناس ولن
يعودوا خطين متوازيين لا يلتقيان.