المنشور

لكي لا يتحول «الحوار الوطني» إلى طلاسم معقـدة


مفهوم «الحوار الوطني» ليس له تعريف خاص بالبحرين، ولا ينبغي أن يتحول إلى طلاسم معقدة، ولقد شرح المفكر علي فخرو الموضوع بالإشارة إلى أن أصل كلمة الحوار في اللغة الإغريقية تعني تبادل الرأي وعلى الأخص بين المفكرين والفلاسفة، ولكن عندما نتحدث عن حلّ النزاعات السياسية «فإن الحوار ليس فقط لتبادل الرأي ومعرفة الرأي الآخر، وإنما هو أمر يحتاج أيضاً إلى التفاوض والأخذ والعطاء وقبول الحلول الوسط وممارسة التنازلات المتبادلة، وحتى لو رغب الكل في البدء بإجراء الحوار فإنه يجب أن يقود في النهاية إلى تفاوض».
 
ومما يؤسف له، وكما أشار فخرو، فإن هذا الفهم العملي للحوار غير مطروح في البحرين، ولكن «ما لم يفهم هذا الحوار على أنه تفاوض بشأن مطالب سياسية وقانونية ودستورية ومعيشية تطالب بها بعض مؤسسات المجتمع المدني السياسية، فإن الحوار الوطني قد يتعثر من خلال دورانه حول نفسه في مناقشات عامة وتبادل رأي دون الوصول إلى نتيجة مرضية للجميع».
 
من جانبه، قدم المحامي حسن رضي ورقة مهمة عن أحداث البحرين في مطلع العام 2012، وتحدث عن أن المخرج من الأزمة يكمن في الحوار، ولكي ينتج الحوار «لابد من أن تشارك فيه الأطراف الفاعلة حتى يمكن للحلول التي يتم التوصل إليها من قبل المتحاورين أن تجد طريق التطبيق لها بقواعد حمايتها، والقول بغير ذلك لغو لا فائدة منه»، مشيراً إلى أنه ينبغي أن تكون نسبة التمثيل في أي منظومة للحوار متناسبة في إفرادها مع عرض وقوة القواعد الشعبية واتجاهاتها.
 
ويرى رضي أن «انتخاب هيئة الحوار هو الطريق الأمثل والأسلم والأعدل قانونياً وحقوقياً، لكن إذا تعذر ذلك فمن المناسب الرجوع إلى انتخابات عام 2006 لتحديد نسب المشاركة بالنسبة إلى الجمعيات والشخصيات السياسية واستخدامها كقياس لتحديد نسب التمثيل دون تقيد بمن فاز بعضوية مجلس النواب دون غيره، بل القصد هو الاعتداد بنتائج التصويت في مجمل العملية الانتخابية، ولنا في ذلك سابقة مؤتمر الطائف للمصالحة الوطنية اللبنانية… ويمكن تطعيم هذه الهيئة أو المنظومة بشخصيات وطنية لها احترامها أو خبرتها أو تميزها الاجتماعي يعينهم جلالة الملك بحكمة وبالتشاور مع القوى السياسية الفاعلة».
 
الجدير بالذكر أن كل الأوراق والمقترحات تتحدث عن الحوار كما حدث ويحدث في باقي أنحاء العالم، بينما يتحدث البعض عن الحوار في البحرين وكأنه يختلف عن المفهوم الذي تعرفه البشرية جمعاء… ومثل هذا الطرح ليس صحيحاً ولن يؤدي إلى نتيجة إيجابية. ثم إن أي حوار يجب أن تصاحبه بيئة إعلامية توحد المجتمع وتنبذ التفرقة الطائفية، وليس كما يحدث حالياً.

منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية – 04 مايو 2013م