غضب الكتاب والصحافيون الوطنيون جداً، والشرفاء جداً، عندما قال ممثلو
القوى الوطنية المعارضة إن وسائل الإعلام لدينا تلعب دوراً تأزيمياً
وطائفياً، وكأن تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق لم يقل ذلك من قبل،
وأن هؤلاء الصحافيين والكتاب لا تعنيهم جميع عبارات التخوين والتحريض
الطائفي المدفوعة الأجر، ولا يعنيهم ما يكتبونه بشكل يومي من التحريض
المباشر لاعتقال جميع المعارضين في البحرين والتعامل مع الاحتجاجات بقبضة
من حديد، حتى وصل الأمر لأن يحرض أحدهم الدولة على اعتقال آباء كل الأطفال
الموقوفين أو المسجونين على ذمة قضايا تتصل بالوضع السياسي، وتعذيبهم – أي
الآباء – حتى يعترفوا على جميع من يشارك في الاحتجاجات.
في جميع
أنحاء العالم حتى أكثرها عداءً للديمقراطية لا يتم اتهام القوى المعارضة
بالخيانة لوطنها، في حين تعتبر المعارضة في الدول المتقدمة جزءاً أساسياً
من الدولة والمجتمع، بحيث لا يمكن تجاهلها فضلاً عن محاولة إلغائها
بالكامل.
وفي الطرف الآخر فإن وسائل الإعلام تعتبر في المجتمعات
المتحضرة السلطة الرابعة التي تراقب وتفضح أخطاء السلطات الثلاث أو
تجاوزاتها في حين يقتصر عملها في المجتمعات المتخلفة على تمجيد السلطة
التنفيذية والتي هي في الغالب المسيطرة على جميع السلطات.
ولذلك لا
يمكن الحديث عن إعلام مستقل ومحايد ونزيه في هذه الدول، فهو لا يرى إلا ما
يراد له رؤيته ولا يتحدث إلا كما يشاء المسئولون، مثل هذا الإعلام يصور
المسئولين كملائكة لا يخطئون، ويسبغ عليهم صفات الأنبياء.
لقد ذكرت
في مقال سابق حول «مفهوم الوطنية والخيانة» أنه «لو طبَّق ما يريده هؤلاء
الكتَّاب على تاريخنا البحريني من تفسير لمفهوم الوطنية والخيانة، لكان
بلغريف، أكثر وطنية من عبدالرحمن الباكر، وعبدالعزيز الشملان، وعبدعلي
العليوات، وجميع أعضاء هيئة الاتحاد الوطني، وخصوصاً أن هؤلاء قد تمت
محاكمتهم وإدانتهم، ونُفوا للخارج بسبب مواقفهم، ولكان أيان هندرسون أشرف
وأكثر حباً للبحرين من سعيد العويناتي، ومحمد غلوم، والشيخ عبدالأمير
الجمري، وعبدالرحمن النعيمي، وأحمد الشملان، والآلاف من أبناء البحرين
الذين قتلوا وسجنوا وشردوا في المهجر».
أتساءل أحياناً عن كمية الحقد
لدى بعض الكتاب والصحافيين لدينا، كم يبلغ ثمنه؟ وهل يقاس بالفهرنهايت، أم
بالكيلوغرام، أم بالمتر المربع؟ وهل يمتلك مثل هؤلاء الكتاب ولو ذرة من
الشرف؟