كثيراً ما يتم الحديث عن الفئة الصامتة، دون تحديد من هي الفئة الصامتة،
ولماذا هي كذلك، وما الذي يمنعها أساساً من اتخاذ موقف عملي مما يجري
حولها، والأهم من وما الذي يخيفها وما هو حجمها ومدى تأثيرها.
من
الواضح تماماً أن هذه الفئة ليست بالحجم الذي يروّج له البعض، بدليل مشاركة
مئات الآلاف من المواطنين في الاحتجاجات والمسيرات الداعية للإصلاح، وفي
المقابل يشارك الآلاف من المواطنين والمقيمين في المسيرات والفعاليات
المؤيدة والمساندة لبقاء الوضع القائم، ما يعني أن الغالبية العظمى من
المواطنين فاعلون بشكل كبير في الحراك السياسي، ولديهم موقف واضح مما يجري
على الساحة.
يمكن القول إن هذه الفئة تشعر بالخوف من الإعلان عن
موقفها سواء المطالب بالإصلاح أو المعارض له، بسبب تضرر مصالحها أو
الانتقام منها بصورة أو بأخرى.
هناك من يؤكد وجود فئة كبيرة من أبناء
وأهالي القرى الذين يعارضون ما يحدث من إغلاق الشوارع وحرق الإطارات لتضرر
مصالحها وما تعانيه من إجراءات مضادة من خلال إغراق القرى بالغازات
المسيلة للدموع، لا أحد ينكر وجود مثل هؤلاء، ولكنهم مع ذلك يبقون فئةً
قليلةً جداً وإلا لاستطاعت إيقاف هذه الممارسات، كما أن اعتراضها على
ممارسة العنف لا يعني أنها تقف مع العنف المضاد أو ترفض قيام السلطة بإجراء
إصلاحات تخرج البلاد من الأزمة، ومهما يكن من أمر هذه الفئة فإن تأثيرها
يبقى محدوداً في مقابل الأغلبية العظمى من الشارع.
يبقى في الطرف
الآخر فئة صامتة متضررة، وتتمنى خروج البلد من الأزمة عن طريق الإصلاحات،
ولكنها تخاف من طرح أفكارها أو حتى اتخاذ موقف.
هذه الفئة تتشكل في
الغالب من الموظفين الحكوميين في المراكز المتوسطة، ورجال الأعمال والتجار،
فهم يعرفون تماماً أن «التجار وأصحاب الأعمال في وطننا العربي يمكن أن
يكونوا وطنيين ولكن من الصعب أو المستحيل أن يصبحوا معارضين».
في
مقابلة الخبير الاقتصادي خالد جناحي في صحيفة «الوسط» مؤخراً، خرج عن هذه
القاعدة، وقال رأيه بكل شجاعة، مفترضاً أن لكل موقف ثمناً. فهو يؤكد أن ليس
بمقدور فئةٍ أو طائفةٍ الاستفراد بالوطن دون الفئات والطوائف الأخرى،
«فنحن نعيش في وطن صغير جداً، ولا يمكن لأحد أن يلغي الآخر أو ينفيه إلى
الخارج». كما يرى أن البحرين لا تتحمل كل هذا العنف والعنف المضاد، وأن
الحل أبسط مما يتصوّره الجميع، وهو يتمثل في التوافق على مخرجات يقبلها
الجميع بما في ذلك المشاركة في السلطة التنفيذية.
جناحي عبّر بشكل موضوعي عن رأي الفئة الصامتة وكيف تفكر، وما هو موقفها. إنه الوقوف في صف الوطن ومصلحته ومستقبله.