يصر البعض على أن الأزمة في البحرين ليست سوى خلاف طائفي، وأن الحل يكمن في حل الخلاف بين مكونات المجتمع. هذه النظرية أصبحت ملازمة لتصريحات عديدة بشكل واضح، علنيّ أحياناً، وضمنيّ أحياناً أخرى، وحتى جلسات الحوار الحالية التي بدأت في 10 فبراير/ شباط 2013 تم تأطيرها بهذه النظرية.
ولكن عندما يتم تأطير الأزمة في البحرين وكأنها خلاف طائفي، فإنها تتكرر، والمشكلة الطائفية تتعمق. إن النظرة الواقعية للأمور تختلف عن هذا الطرح، وهي نظرة تؤكد أن الأزمة في البحرين «سياسية» بامتياز، وأن الجوانب الطائفية، بما في ذلك التمييز الذي أصبح يفتخر به البعض، إنما يستخدم لمنع الحل السياسي.
نرى أن الذين يصرون على تأطير المشكلة على أساس طائفي – مجتمعي يصرون على وجوب حلها بين طوائف (مكونات) المجتمع بمعزل عن الدولة الماسكة بزمام الأمور، وأحياناً تصدر تصريحات توحي وكأن الدولة اعتزلت الحياة العامة وسلمتها لمن يود أن يزيد الطين بلة من خلال تعميق الخطاب الطائفي وتفريق المجتمع، وفصله عن بعضه ليس فقط في مؤسسات الدولة، وإنما حتى جغرافياً على الأرض.
التخندق الطائفي يأخذ منحىً جنونيّاً، إذ إن البعض يرى أن أي إصلاح سياسي، حتى لو كان متواضعاً، سيؤدي إلى ضياع ما لديه من منافع، وبالتالي فإنه لا يمكن أن يوافق على أية خطوة بهذا الاتجاه. تسمع أحياناً كلاماً جميلاً، مثلاً أنه لا توجد شروط للحوار، وقد تسمع أنه لا يوجد سقف للحوار، ولكن عليك أن تعلم بأن أي حل يجب أن يمرر بين مكونات المجتمع (الطوائف)، وأن كل شيء ممكن الاستجابة له شريطة أن «يلج الجمل في سم الخياط».
إن الطرح الواقعي يرى أن الأزمة «سياسية»، وأن الحل يجب أن يكون «سياسياً»، وهذا الحل السياسي هو الذي يجب أن يتقدم على كل الحلول الأخرى، سواء كانت تلك الحلول اجتماعية أو اقتصادية. وعلى أساس هذا الفهم، فإن الأفضل أن نتعامل بصورة واقعية، وإلا فإننا سنراوح في مكاننا، وقد نشهد إعادة إنتاج الأزمة بصورة متكررة.