القوى
العظمى الثلاث: الاتحاد السوفييتي ما قبل الانهيار والصين والولايات
المتحدة الأمريكية، من حيث المساحة الجغرافية الشاسعة، ومن حيث عدد السكان،
ومن حيث الثروات الطبيعية، ومن حيث القدرات العلمية والتقنية والعسكرية .
.خرجت متضررة من الحرب الباردة كغيرها من البلدان التي زجت نفسها فيها أو
التي زُج بها، عن غير رغبتها في هذه الحرب . بل كانت أضرار هذه الحرب على
القوى العظمى الثلاث أكثر وطأة من غيرها بحكم حجم مخصصات الإنفاق الدفاعي
التي استنزفت موازناتها (كمثال فقط، أنفق الاتحاد السوفييتي السابق في مطلع
عقد ثمانينات القرن الماضي 128 مليار روبل – سعر صرف الروبل الرسمي آنذاك
كان أقوى من الدولار – على إنشاء منظومة صواريخ أس .أس20” رداً على نشر
الولايات المتحدة صواريخ كروز وبيرشينغ -2 في أوروبا) .
العظمى الثلاث: الاتحاد السوفييتي ما قبل الانهيار والصين والولايات
المتحدة الأمريكية، من حيث المساحة الجغرافية الشاسعة، ومن حيث عدد السكان،
ومن حيث الثروات الطبيعية، ومن حيث القدرات العلمية والتقنية والعسكرية .
.خرجت متضررة من الحرب الباردة كغيرها من البلدان التي زجت نفسها فيها أو
التي زُج بها، عن غير رغبتها في هذه الحرب . بل كانت أضرار هذه الحرب على
القوى العظمى الثلاث أكثر وطأة من غيرها بحكم حجم مخصصات الإنفاق الدفاعي
التي استنزفت موازناتها (كمثال فقط، أنفق الاتحاد السوفييتي السابق في مطلع
عقد ثمانينات القرن الماضي 128 مليار روبل – سعر صرف الروبل الرسمي آنذاك
كان أقوى من الدولار – على إنشاء منظومة صواريخ أس .أس20” رداً على نشر
الولايات المتحدة صواريخ كروز وبيرشينغ -2 في أوروبا) .
ولذلك
فإن القوى الثلاث وجدت نفسها أمام استحقاقات تاريخية لا مفر من تأديتها .
وتتمثل في القيام بعملية إعادة بناء جوهرية لأنظمتها السياسية والاقتصادية
والاجتماعية لتفادي انهيارها .
فإن القوى الثلاث وجدت نفسها أمام استحقاقات تاريخية لا مفر من تأديتها .
وتتمثل في القيام بعملية إعادة بناء جوهرية لأنظمتها السياسية والاقتصادية
والاجتماعية لتفادي انهيارها .
في الصين أسموها إصلاحات (Reforms)، وقد قادها الزعيم الصيني الراحل دينغ كسياو بينغ (Deng Xiaoping)
خلال فترة رئاسته التي امتدت من العام 1978 حتى العام 1992 (توفي في العام
1997) . وفي الاتحاد السوفييتي السابق أسماها مبتدعها الذي شاءت الأقدار
أن يكون آخر زعيم للاتحاد السوفييتي، وهو ميخائيل غورباتشوف، “بيريسترويكا”
(أي إعادة البناء) . وكما صار معلوماً فإنها كانت في حقيقتها “ديسترويكا”
(أي هدم باللغة الروسية) وليست بيريسترويكا .
خلال فترة رئاسته التي امتدت من العام 1978 حتى العام 1992 (توفي في العام
1997) . وفي الاتحاد السوفييتي السابق أسماها مبتدعها الذي شاءت الأقدار
أن يكون آخر زعيم للاتحاد السوفييتي، وهو ميخائيل غورباتشوف، “بيريسترويكا”
(أي إعادة البناء) . وكما صار معلوماً فإنها كانت في حقيقتها “ديسترويكا”
(أي هدم باللغة الروسية) وليست بيريسترويكا .
وحدها
الولايات المتحدة التي لم تر أي داع لأن تغير أو تُعدل – أي تُصلح –
نظامها السياسي- الاقتصادي الكلي، وأنها ليست مضطرة أصلاً إلى إجراء مراجعة
له مادام قد أمن لها الانتصار المنشود على خصمها ومنافسها التاريخي الأبرز
في صراع المصالح والنفوذ العالمي . . الاتحاد السوفييتي السابق .
الولايات المتحدة التي لم تر أي داع لأن تغير أو تُعدل – أي تُصلح –
نظامها السياسي- الاقتصادي الكلي، وأنها ليست مضطرة أصلاً إلى إجراء مراجعة
له مادام قد أمن لها الانتصار المنشود على خصمها ومنافسها التاريخي الأبرز
في صراع المصالح والنفوذ العالمي . . الاتحاد السوفييتي السابق .
وهذا
كان من الأخطاء الاستراتيجية الفادحة الذي تتحمل كامل مسؤوليته التاريخية
والأخلاقية الطبقة السياسية بحزبيها (الجمهوري والديمقراطي) المتناوبين على
حكم البلاد . فلقد كانت البلاد بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في وضع
تنافسي مريح يتيح لها القيام، بهدوء، بالإصلاحات المطلوبة في الأجزاء التي
أصابها العطب والتخثر .
كان من الأخطاء الاستراتيجية الفادحة الذي تتحمل كامل مسؤوليته التاريخية
والأخلاقية الطبقة السياسية بحزبيها (الجمهوري والديمقراطي) المتناوبين على
حكم البلاد . فلقد كانت البلاد بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في وضع
تنافسي مريح يتيح لها القيام، بهدوء، بالإصلاحات المطلوبة في الأجزاء التي
أصابها العطب والتخثر .
يقول
بول كروغمان بروفيسور الاقتصاد الأمريكي المعروف، إن أفضل وقت لتطبيق
سياسة تقشفية (خفض النفقات العامة)، هو في فترة صعود الدورة وليس في وقت
انحسارها . وهذا ينطبق على مقاربة الإصلاح في السياسة تمام الانطباق . فأن
تقوم بالإصلاح في وقت الاسترخاء الاجتماعي المؤمن بدرجة معقولة من الرفاه
الاقتصادي، أسهل وأقل كلفة من القيام به في فترة انحسار الدورة وازدهار
مرادفها الموضوعي، وهو هنا السخط الاجتماعي .
بول كروغمان بروفيسور الاقتصاد الأمريكي المعروف، إن أفضل وقت لتطبيق
سياسة تقشفية (خفض النفقات العامة)، هو في فترة صعود الدورة وليس في وقت
انحسارها . وهذا ينطبق على مقاربة الإصلاح في السياسة تمام الانطباق . فأن
تقوم بالإصلاح في وقت الاسترخاء الاجتماعي المؤمن بدرجة معقولة من الرفاه
الاقتصادي، أسهل وأقل كلفة من القيام به في فترة انحسار الدورة وازدهار
مرادفها الموضوعي، وهو هنا السخط الاجتماعي .
الآن
أصبحت المسألة أكثر تعقيداً، ذلك أن الطبقة السياسية التي تنعمت بامتيازات
“النموذج” الساري طوال السنوات المديدة للحرب الباردة ورسخت نفوذها داخل
مفاصل الدولة “والسيستم” بمجمله، لن تقبل بالتأكيد الاعتراف أصلاً بوجود
الخلل كي لا تضطر، بالتبعية، إلى القبول بفتح نقاش وطني – حتى لو داخل
الحلقة الضيقة للطبقة السياسية الممثلة في الحزبين المهيمنين، الجمهوري
والديمقراطي – لإيجاد علاجات لهذا الخلل .
أصبحت المسألة أكثر تعقيداً، ذلك أن الطبقة السياسية التي تنعمت بامتيازات
“النموذج” الساري طوال السنوات المديدة للحرب الباردة ورسخت نفوذها داخل
مفاصل الدولة “والسيستم” بمجمله، لن تقبل بالتأكيد الاعتراف أصلاً بوجود
الخلل كي لا تضطر، بالتبعية، إلى القبول بفتح نقاش وطني – حتى لو داخل
الحلقة الضيقة للطبقة السياسية الممثلة في الحزبين المهيمنين، الجمهوري
والديمقراطي – لإيجاد علاجات لهذا الخلل .
نوافق
الراحل الكبير الدكتور فؤاد مرسي، الاقتصادي المصري المعروف، في أن
“الرأسمالية تجدّد نفسها”، كما ذهب في مؤلفه المكرس لهذه الفكرة . إنما هو
ذلك التجديد الذي يندرج ضمن سقف ترتيب وتوفيق أوضاع عمل “السيستم” الداخلي،
ويتعلق حصراً بالجانب الاقتصادي التقني من دون أن يطول جوهر عملية إعادة
الإنتاج الكلية لإجمالي الناتج المحلي وتوزيعه وإعادة توزيعه بواسطة أدوات
وأقنية “السيستم” .
الراحل الكبير الدكتور فؤاد مرسي، الاقتصادي المصري المعروف، في أن
“الرأسمالية تجدّد نفسها”، كما ذهب في مؤلفه المكرس لهذه الفكرة . إنما هو
ذلك التجديد الذي يندرج ضمن سقف ترتيب وتوفيق أوضاع عمل “السيستم” الداخلي،
ويتعلق حصراً بالجانب الاقتصادي التقني من دون أن يطول جوهر عملية إعادة
الإنتاج الكلية لإجمالي الناتج المحلي وتوزيعه وإعادة توزيعه بواسطة أدوات
وأقنية “السيستم” .
الإصلاح
المطلوب لكي يستعيد نموذج الرأسمالية الأمريكي توازنه، كي لا نقول ألَقه
المفقود، ربما تجاوز السقف الذي يحاولالقيام به الرئيس باراك أوباما
جاهداً، بمزيج من وسائل الإقناع والدهاء وملاعبة لوبيات مراكز القوى
المناهضة بشراسة للتغيير .
المطلوب لكي يستعيد نموذج الرأسمالية الأمريكي توازنه، كي لا نقول ألَقه
المفقود، ربما تجاوز السقف الذي يحاولالقيام به الرئيس باراك أوباما
جاهداً، بمزيج من وسائل الإقناع والدهاء وملاعبة لوبيات مراكز القوى
المناهضة بشراسة للتغيير .
لقد
وصل الرئيس باراك أوباما إلى سدة الحكم في كبرى قلاع الرأسمالية الحصينة
بصورة مذهلة حين تغلب على أحد صقور اليمين الجمهوري (جون ماكين)، متسلحاً
بشعار “التغيير” (Change) الذي طرحه بوصفه تحدّياً يواجه الأمة الأمريكية ذات المصلحة في إحداث التغيير، بمقابلة هذا التحدي بمقولته الشهيرة “نعم نستطيع”
وصل الرئيس باراك أوباما إلى سدة الحكم في كبرى قلاع الرأسمالية الحصينة
بصورة مذهلة حين تغلب على أحد صقور اليمين الجمهوري (جون ماكين)، متسلحاً
بشعار “التغيير” (Change) الذي طرحه بوصفه تحدّياً يواجه الأمة الأمريكية ذات المصلحة في إحداث التغيير، بمقابلة هذا التحدي بمقولته الشهيرة “نعم نستطيع”
هو
إذاً، غورباتشوف الولايات المتحدة، يريد أن ينفّذ خطة إعادة بناء
“بيريسترويكا”، حتى وإن كانت بالغة الخصوصية والحساسية لدولة لطالما اعتبرت
نفسها طليعة وقدوة للعالم أجمع، ولأمة تتميز باعتداد فائض بالنفس، واعتزاز
بالغ بقوتها وبشوكة عزيمتها . . بما تتضمنه (تلك الخطة)، على نحو خاص، من
ترشيد لشطط وفوضى ممارسات الرأسمال المالي، وإجراء تعديل طفيف على ميزان
القوى الاجتماعية المختل . ومع ذلك فقد استدعت إجراءاته هذه ردة فعل عنيفة
وصلت إلى حد إيصال رسائل تهديد شفوية ومادية له واتهامه بالتآمر على النظام
الرأسمالي الأمريكي بمحاولة تحويل مساره إلى الاشتراكية .
إذاً، غورباتشوف الولايات المتحدة، يريد أن ينفّذ خطة إعادة بناء
“بيريسترويكا”، حتى وإن كانت بالغة الخصوصية والحساسية لدولة لطالما اعتبرت
نفسها طليعة وقدوة للعالم أجمع، ولأمة تتميز باعتداد فائض بالنفس، واعتزاز
بالغ بقوتها وبشوكة عزيمتها . . بما تتضمنه (تلك الخطة)، على نحو خاص، من
ترشيد لشطط وفوضى ممارسات الرأسمال المالي، وإجراء تعديل طفيف على ميزان
القوى الاجتماعية المختل . ومع ذلك فقد استدعت إجراءاته هذه ردة فعل عنيفة
وصلت إلى حد إيصال رسائل تهديد شفوية ومادية له واتهامه بالتآمر على النظام
الرأسمالي الأمريكي بمحاولة تحويل مساره إلى الاشتراكية .
فهل
بمقدور الرئيس أوباما عبور حقل الألغام وتحقيق الاختراق المطلوب في بنية
المؤسسة وإصلاح بعض الأعطاب المسؤولة عن “الأعطال” المتكررة والمنذرة بما
هو أسوأ من الأزمات العميقة؟
بمقدور الرئيس أوباما عبور حقل الألغام وتحقيق الاختراق المطلوب في بنية
المؤسسة وإصلاح بعض الأعطاب المسؤولة عن “الأعطال” المتكررة والمنذرة بما
هو أسوأ من الأزمات العميقة؟