منذ سنتين وأوضاع البحرين ليست على ما يرام، وبالرغم من كثرة الحديث عن
الإصلاحات والحوار بين مختلف شرائح المجتمع إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث بل
إن الأحداث بدأت تأخذ أبعاداً أشد خطورة وهي تنذر بخطر شديد ينال كل شرائح
المجتمع ومعهم قياداتهم…
شغل المجتمع البحريني – خاصة – والمجتمع
العربي والعالمي – عامة – بالأحداث التي تناقلتها معظم وسائل الإعلام
المحلية والعالمية في الأيام الماضية، فمن حديث عن اكتشاف قنبلة على جسر
الملك فهد من الناحية البحرينية والهدف من وضعها – كما قيل – تفجير جزء من
الجسر لتحقيق أهداف متعددة لمن قام بهذا العمل، ثم اكتشاف خلية إرهابية من
عدد من أهالي البحرين وبعضهم إيرانيون وعراقيون، وأخذت وسائل الإعلام تتحدث
عن أهداف هذه الخلية، ولم تكن هذه الأهداف واحدة بحسب الروايات الإعلامية،
فمن قائل: إن إيران وراء تلك الخلية وإنها دربت أعضاءها في سورية وكان
المفروض أن يتم تدريبهم لاحقاً في إيران، وآخرون قالوا: إن البعض كان يدعم
هذه الخلية بالمال، وإن من أهدافها قتل بعض الشخصيات وتفجير أهداف محددة،
وإن دولة خليجية ساهمت بالقبض على أفراد من أعضاء الخلية وسلمتهم للبحرين.
وبعد
اللغط الشديد استمعنا إلى تصريح اللواء طارق الحسن رئيس الأمن العام في
البحرين وهو يصف تلك الأحداث وملابساتها قائلاً: إن الخلية التي تم القبض
على معظم أفرادها مكونة من بحرينيين وإيرانيين وعراقيين، وإنها تدربت في
إيران وإن رئيسها إيراني يكنى بأبي ناصر!! أهدافها تتلخص في ضرب المنشآت
الأمنية وقتل شخصيات عامة، وإنشاء جيش الإمام في البحرين تكون تلك الخلية
هي نواته الأولية…!!
رئيس الأمن العام أكد في تصريحه أن هذه الخلية
لا تمت للمعارضة الداخلية بصلة، كما أنه لم يتحدث عن أعضاء الخلية من
الجنسيات الإيرانية والعراقية وهذا يوحي أنه لم يتم القبض على أي أحد
منهم!!
هذه الأخبار المتلاحقة ومن الوزن الثقيل – تفجيرات – اغتيالات
– تكوين جيش…الخ تحتاج إلى وقفات كثيرة وأسئلة متعددة بحجم تلك الأعمال
التي يتم الحديث عنها!! هذه الوقفات يجب أن تكون جادة وعاجلة وبعيدة عن
التضخيم الذي لا يضر إلا البحرين وأهلها جميعاً دون التفريق بين أتباع مذهب
وآخر…
ولابد من القول الواضح: إن الإرهاب مرفوض ومدان وإنه ليس
وسيلة الإصلاح، بل إنه الطريق الأسرع لكل أنواع التفرقة وهدم المجتمع ونشر
الفوضى وغياب العدل، ولابد من القول: إن قتل الأبرياء وتفجير المباني إرهاب
مرفوض ولا يمكن تبريره، كما أنه – أيضاً – يبعد الناس عن حقوقهم ويسيء إلى
مكانتهم وعلاقتهم بالآخرين…
ومن الناحية الأخرى فإن مقتضى العدالة
أن لا تعطى هذه الأحداث أبعاداً أكبر من حجمها الحقيقي وأن لا تُستغل
للإساءة للآخرين فإن هذه الأفعال – لو حصلت – فإنها ستقضي على فرص الحوار
التي تنادى لها الجميع…
هناك أسئلة لابد من معرفة إجابتها لكي تكون
الصورة مكتملة الوضوح وبعيدة عن التشكيك في أصل الرواية التي سبق أن
استعرضت أهم ما قيل عنها، من ذلك: كيف ستتصرف حكومة البحرين مع «أبو ناصر»؟
وهل ستطلب القبض عليه بالطرق القانونية؟! ثم هل ستفعل الشيء نفسه مع بقية
أعضاء الخلية الإيرانيين والعراقيين؟ فمن المفترض أن الأمن البحريني يعرف
أسماءهم، والمفروض أن أسماءهم أصبحت معروفة ومن حق حكومة البحرين أن تطلب
محاكمتهم باعتبارهم من داعمي الإرهاب…
أعتقد أن الاتهامات بالغة
الخطورة، فالقتل والتفجير إن بدأ فلن ينتهي إلا بخراب البلد كله – والبحرين
لا تحتمل شيئاً من هذا فضلاً عما تم ذكره، وأعتقد أن الجميع يدرك هذا
الأمر وخطورته. كما أن المبالغة في تضخيم الأحداث والإساءة لبعض الناس دون
حق يؤدي إلى النتيجة نفسها وهنا لابد من الوضوح والشفافية وتناول القضية من
كل جوانبها وعدم إغفال أي جانب منها مهما كانت الأسباب؛ إذ إن ذلك قد يقود
إلى الشك بالأحداث كلها وهذه كارثة أخرى…
وحتى يتم كل ذلك فإن على
الإعلام البحريني وكل عقلاء المجتمع أن لا يتبادلوا الاتهامات – دون حق –
لأنها تعمق المشكلة ولا تؤدي إلى الوصول إلى الحق الذي يجب أن يسعى له
الجميع…
حمى الله البحرين وأهلها وألهمهم الرشد والصواب…
محمد علي الهرفي