لم يكن يحلم يوماً بأن يفتتح له مشروعاً خاصاً على الرغم من مواهبه المتعددة والتي يقدم بسببها خدماته بشكل مجاني ومتميز لكل من يطلبها ممن هم في محيطه الاجتماعي. لكن ما حدث في مارس/ آذار 2011 جعله يقدم على هذا مضطراً وهو الذي بقي 6 أشهر من غير عمل بعد فصله من عمله الذي كان يتقاضى منه راتباً كان يفي حاجته ويكفيه شر السؤال.
ولأنه كان مفصولاً وزوجته لا تعمل وأطفاله في مدرسة خاصة، اضطر للاقتراض من أصحابه حتى وصل دينه مبلغاً يصعب عليه رده من غير عمل، فبدأ بالتفكير جدياً في الاستفادة من العروض التي تقدّمها بعض البنوك والمؤسسات واستخرج سجلاً باسم أحد أفراد عائلته، وبدأ في الترويج لبضاعته عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، والإعلانات التي ينشرها في هذه المجلة وتلك وفي هذا الحائط وذاك.
وبعد قرابة السنة والنصف من افتتاح عمله الخاص، أصبح هذا الشخص مالكاً لشركة استطاعت أن تحقق أرباحاً خلال ثلاثة أشهر فقط من افتتاحها رسمياً، وقد أرسل لي عبر «الإيميل» قبل أيام معلومات الشركة بالأرقام والأوراق الرسمية لأكتب قصته كي يستفيد منها غيره، وتكون دافعاً لمن لديه القدرة على فعل ما فعل، ولكن الخوف من الفشل يمنعه كما ذكر في رسالته.
ما فعله هذا الشخص يعد دافعاً قوياً للكثير من أبناء هذه الأرض من المتميزين الذين لم يخوضوا تجربة العمل الخاص خوفاً من الخسارة تارةً، واستصعاباً لإيجاد رأس المال تارةً أخرى، على الرغم من وجود الكثير من الحلول التمويلية اليوم في البحرين أولها «تمكين»، والنجاح الباهر الذي حققته في هذا الجانب والذي تشكر عليه في واقع الأمر لاعتبارها استطاعت بفضل وجودها وحلولها التشجيعية والتمويلية التي شملت الكثير من المجالات، أن تشجع الكثيرين على إنشاء أعمالهم الخاصة في مجالات تميّزوا فيها لسنوات قبل البدء في العمل بها لحسابهم الخاص.
وليست «تمكين» هي الجهة الوحيدة الداعمة كما ذكرت، بل إن هنالك بعض البنوك التي بدأت بتمويل المؤسسات الصغيرة والمشاريع المتناهية الصغر عن طريق حلول وأقساط مريحة تتيح لمن يرغب في البدء بعمله الخاص ولا يتمكن من توفير رأس المال أن يبدأه بثقة بعيداً عن القلق.
اليوم ومع وجود مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة الترويج لأي بضاعة وخصوصاً بعد اشتهار «الانستغرام» في البحرين، بدأت كثيراتٌ من ربات البيوت والموظفات أيضاً في الترويج لبضائعهن عن طريق نشر صور إبداعاتهن إن كان العمل يختص بالأمور الإبداعية كالتغليف والملابس والإكسسوارات منزلية الصنع، أو عن طريق الترويج لما يتم استيراده بضاعة من الخارج على اختلاف نوعيتها. والأمثلة في هذا كثيرة وواضحة يمكن لأي شخص أن يتعرف عليها ما إن يتابع حساباً واحداً على الموقع. بل بدأت المنافسة تشتد بين بعض الحسابات من خلال التنافس عبر الأسعار أو الجودة أو الألوان أو التنوع في البضائع، ما حقّق نجاحاً للتاجر، وربحاً للزبون الذي استطاع الحصول على تشكيلة أوسع من أي سلعة يرغب في اقتنائها.
ما تشهده السوق المحلية اليوم يثبت أن المواطن البحريني قادرٌ على الدخول في مجالات كثيرة متى توفّرت له الفرص وبحث عنها وحارب من أجل الحصول عليها، وقد أثبت نجاحه فيها جميعها والأيام خير شاهد.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3820 – الخميس 21 فبراير 2013م