المنشور

الانتقام من المعارضين



التصفية الجسدية للمعارضين السياسيين سلوك معتاد عند السلطات المستبدة، والتي لا يسود فيها حكم القانون والعدالة فيتمكن بعض المتنفذين الذي لا يطالهم القانون إلى تصفية خصومهم وهو سلوك إجرامي وجبان يدل على ضعف مرتكبيه وضعف موقفهم وحجتهم وضيق صدرهم بالمعارضة أو خوفاً من كشف فسادهم والأهم أنه يدل على انحطاط الدولة ومؤسساتها.


والتصفيات الجسدية ليست غريبة على عالمنا العربي، فخلال العقود الماضية تمت تصفية سياسيين ومثقفين ومفكرين وفنانين وأدباء، سواء من سُلطات دكتاتورية مُستبدة أو من عناصر مُتشددة دينياً وطائفياً، وما يحدث في العراق الآن من تفجيرات طائفية أو ما حدث من اغتيالات سياسية في لبنان وغيرها من الدول العربية هي أمثلة واضحة.


وبعد التحرير في الكويت في تسعينيات القرن الماضي جرت محاولتان لاغتيال الشخصية السياسية حمد الجوعان وكذلك الشخصية الوطنية عبدالله النيباري على يد متنفذين فاسدين ومشبوهين، والهدف كان اسكات الصوت المعارض الذي يفضح ممارسات هؤلاء المتنفذين.


وقبل أيام اغتالت يد الغدر المناضل اليساري التونسي شكري بلعيد الأمين العام لحزب الوطنيين الديموقراطيين الموحد، حيث تشير أصابع الاتهام إلى حزب النهضة الإسلامي الحاكم بعد أن كشف شهيد الثورة شكري بلعيد وجود قائمة من المعارضين سيتم اغتيالهم وبعد أن جاءته تهديدات بالقتل قبل تصفيته بأيام.


ويبدو أنه لا فرق بين الأنظمة العربية المستبدة سواء كانت حليقة أم ترتدي لحية في سلوكها تجاه معارضيها، ففي تونس شكل حزب النهضة ميليشيات تسمى “رابطات حماية الثورة” لممارسة العنف السياسي على الخصوم، وهي بالتأكيد ليس لها علاقة بالثورة، وكذلك في مصر شكل الأخوان المسلمين ميليشيات لممارسة العنف والبلطجة والقتل على المعارضين المطالبين بدستور يمثل كل المصريين وتصحيح مسار الثورة، وفي البلدين تونس ومصر صدرت فتاوي تكفير واستباحة دم المعارضين.


واللافت في الأمر أن الأحزاب الإسلامية الحاكمة في كل من تونس ومصر فعلت أكثر مما فعلت رموز الأنظمة التي أسقطها الشعبان سواء في استخدام العنف المفرط أو باستباحة أموال الشعبين أو بالاستيلاء على مفاصل الحكم بشكل لاديموقراطي، كما أنها لم تُعد هيكلة أجهزة الأمن القديمة بل استعانت بها لخبرتها في قمع الشعبين رغم أنها اتهمتها أثناء الثورة بالفساد، وتبرر القوى الإسلامية القتل والعنف بالدفاع عن الشرعية أو عن شرع الله.


 إن السلوك الانتقامي من الخصوم هو سلوك مريض، سواء كان الانتقام باستخدام القتل والتصفية الجسدية أو باستخدام القانون وتطبيقه بتعسف وانتقائية، كما أنه سلوك يدفع إلى عدم الاستقرار في المجتمعات وربما إلى الفوضى وينم عن عدم تحضر.