«ما نحتاج لكم، عندما نحتاج العلاج نسافر، والخير كثير». كان هذا هو رد
الزائر رقم 5 على موضوع نشر في صحيفة «الوسط» يوم أمس تحت عنوان: «الكادر
الطبي: سنحصد في 2013 ثمرة إدانة الأطباء والنقل التعسفي للكادر… أكدوا
تراجع مستوى الخدمات الطبية بعد استهداف موظفي الصحة».
يؤكد هذا
الرد، والواضح أن من كتبه هو أحد المعجبين بهذا القرار، ما كرره المتحفظون
عليه ورفضوه مراراً، وهو أن المريض هو المتأثر سلبيّاً بالدرجة الأولى من
هذا القرار؛ فبعد أن فُصِل وأُوْقِف أفضل الأطباء والاستشاريين عن أعمالهم،
ومنهم من يعتبر الوحيد في مجاله، لن يثق المرضى بالخدمات الصحية المحلية،
وبهذا؛ فإنه سيحاول الذهاب إلى المستشفيات أو العيادات الخاصة؛ ولأن الوضع
مسّ هذا الجانب أيضاً، بعد أن تعذّر تجديد رخصهم لمزاولة الطب في عياداتهم
أو المستشفيات الخاصة، فهذا يعني أن السفر إلى الخارج هو الحل الوحيد، لكن
ماذا سيفعل المواطن الذي لا يملك قوت يومه حين يعترضه مكروه صحي لا سمح
الله وهم كثيرون في مملكتنا؟، كان صاحب التعليق السابق ميسور الحال واعترف
بأنه لن يثق بمن عُيِّنوا مكان هؤلاء الأطباء المفصولين بتصريحه بأنه
سيسافر في حال اضطر إلى العلاج، مع احترامي للمتميزين ممن بقوا في وظائفهم،
فما الذي سيفعله المواطن الذي لا يزيد راتبه على الـ 200 دينار يدفع ثلاثة
أرباعها إلى إيجار مسكنه الذي سيسكنه عشرين عاماً مع تردي الخدمات
الإسكانية؟ الجميع متيقن بأن هذا القرار لم يكن حكيماً، وإنما جاء على
خلفية طائفيةٍ سياسيةٍ ليس لها دخل بخطأ طبيّ أو مهنيّ، مع العلم بأن هؤلاء
الأطباء من المفصولين لم يكونوا يوماً منتمين إلى أي حزب سياسيّ أو دينيّ،
وإنما زاولوا مهنتهم بحسب ما تمليه عليهم ضمائرهم، ولبّوا نداء الواجب حين
احتاجهم المواطنون من غير أن يفكروا فيما سيعترضهم من مشكلات وما سينالون
من «جزاء» جرّاء «فعلتهم» التي رأتها السلطة جرماً، فيما يراها جميع
المنتمين إلى الحزب الإنساني انتصاراً للمهنية في وجه الجرائم ضدها.
وعلى
رغم أن الجميع يعرف هذا جيداً؛ فإن هناك من آثر أن يبارك هذا الفصل، مع
علمه بأنه سيكون متضرراً قبل غيره في حال تردت الخدمات الصحية في بلاده،
والسبب في مباركته هذه أن الجرحى الذين عالجهم هؤلاء الأطباء كانوا من
المعارضين لرأيه السياسي، في وقت كانت البلاد تشهد ومازالت موجة احتجاجات
ضد انتهاك الإنسانية ومطالبات بأبسط الحقوق التي تدعمها الأنظمة
الديمقراطية، أو أن له في فصلهم فرصةً للترقية والصعود على حساب الآخرين،
حين يكون من العاملين في المجال نفسه!
يجب ألا يصبح هؤلاء الأطباء
مجرد أدوات تُستخدم للنيل من غيرهم وتخويفهم، فهناك أطراف أخرى داخل هذه
المعادلة أولهم المرضى وعوائل الأطباء والمستشفيات الخاصة، والطرف الأكبر
هو الخدمات الصحية والوطن الذي سيبقى جريحاً طالما وُجِدَ مظلومٌ على أرضه؛
ولهذا فإنه من العار أن يتم المضي في هذا القرار من غير الانتباه إلى كل
هذه الجهات المتضررة من أجل درسٍ لن يأخذ به أحد ممن ينتصر للإنسانية
والمهنية.
سوسن دهنيم
صحيفة الوسط البحرينية