مع تطلعات وآمال الناس في أن يفضي الحوار المرتقب الذي أعلن عنه وزير
العدل إلى حل للأزمة التي أرهقت الوطن لما يقرب السنتين؛ وأن يؤدي إلى
مصالحة وطنية بين مكونات الشعب؛ ويحقق طموح المنادين بالإصلاحات السياسية
من خلال حل الملفات العالقة بصورة مرضية، فإن ما نراه على أرض الواقع لا
يعطي مبرراً للتفاؤل بقرب انتهاء الأزمة.
كان من المهم جداً تهيئة
الأجواء وتصفية النفوس واتخاذ مبادرات ضرورية أهمها التطبيق الجاد لتوصيات
اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق والتي ألزمت السلطة نفسها بتطبيقها عند
تشكيل اللجنة وأكدت ذلك مرة أخرى عند تقديم اللجنة لتقريرها الذي أزعج
الكثيرين.
ليس من المفهوم كيف يراد لهذا الحوار أن ينجح والآلة
الإعلامية للدولة من صحف شبه رسمية وإذاعة وتلفزيون يتبعان الدولة بصورة
مباشرة لاتزال تشحن النفوس بالروح الطائفية ولايزال خطابها مصرّاً على
مفردات الخيانة والعمالة للخارج مع باقة منتقاة من أبشع كلمات الشتائم
والسب للقوى المعارضة ورموزها.
كما إنه ليس من المفهوم الإصرار على
إشراك قوى سياسية من (جمعيات معارضة المعارضة) في هذا الحوار رغم مواقفها
المعروفة وتأكيدها لأكثر من مرة بأنها ضد أي حوار مع القوى المعارضة وما أن
أعلنت السلطة دعوتها للحوار حتى كانت أولى القوى التي رحبت بهذه الخطوة
وأعلنت موافقتها على المشاركة فيها، من البديهي أن يتساءل الناس لماذا يتم
إشراك هذه القوى إن كانت أساساً لا تملك قرارها وإن كانت السلطة تمثلها
وليس لديها أي رؤية للخروج من الأزمة وكل ما أنعم الله عليها من فكر سياسي
هو معارضة المعارضة في كل ما تطرحه.
من الواضح أن إشراك هذه القوى التي ( لاتهش ولاتنش) هو بهدف إحباط أي طرح أو تحقيق مطالب لا يراد لها أن تحقق.
بالطبع
فإن الجمعيات السياسية المعارضة تفهم كل ذلك وتضعه في حساباتها، ومع ذلك
أعلنت موافقتها للدخول في الحوار دون شروط مسبقة، التزاماً بمواقفها
السابقة المؤيدة للحوار وإيمانها بأن المخرج الوحيد من هذه الأزمة هو
الحوار وليس أي شيء آخر. ولذلك لم يكن أمامها إلا هذا الطريق لكي تسلكه رغم
معرفتها المسبقة بجميع هذه المطبات.
ليس من الصواب في هذا الوقت
المطالبة بمقاطعة الحوار أو وضع شروط مسبقة للدخول فيه، وإنما الصواب هو
الضغط باتجاه وحدة صف القوى المعارضة مع عدم التخلي عن المطالب المحقة
للناس.