مساء أمس الأول (الإثنين 21 يناير / كانون الثاني 2013) أوردت وكالة
أنباء البحرين خبراً مقتضباً قالت فيه: «بتوجيه سامٍ من صاحب الجلالة عاهل
البلاد، يتوجه وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف بدعوة ممثلي الجمعيات
السياسية والمستقلين من مكونات المجتمع السياسي في البحرين لاستكمال حوار
التوافق الوطني في المحور السياسي في الأمور التي يتم التوافق عليها في
جدول الأعمال من الأمور العالقة، للبناء على ما تم التوافق عليه من أجل
الوصول إلى مزيد من التوافق الوطني في ذلك المحور».
قوى المعارضة
السياسية أعلنت استعدادها لـ «حوار جدي يلبي المطالب المشروعة لشعب
البحرين»، وإصرارها على الوصول «لحل سياسي عادل وشامل يحقق الاستقرار
والطمأنينة الدائمين»، وأكدت «جديتها بالدخول في عملية حوار وتفاوض سياسي
جاد يستجيب لتطلعات شعب البحرين في الحرية والكرامة والعدالة (…)».
وشخصياً،
فإن أملي أن تنجح هذه الدعوة وأن تتوضح أكثر، فالمتوافر من التصريح تقل
كلماته عن 100 كلمة، والمصطلحات التي وردت في التصريح تعتبر «مفاتيح» قد
تفتح، وقد تغلق فرص النجاح، ولاسيما أن هناك عدة معانٍ للحوار في البحرين.
إن
الإعلان عن عملية الحوار أفضل من لا شيء، لأن العام 2012 ضاع في التسويفات
وفي إحداث مزيد من التراجعات في البيئة السياسية، وحالياً هناك التحدي
المستمر بين مختلف الأطراف، ونأمل أن يعاد توجيه الطاقات لحلحلة الأمور
وللاتفاق على آلية معقولة لتطوير الوضع الحالي.
والمطالب المطروحة
متنوعة، فبعضها مطالب «سياسية»، والسقف المطروح للمطالب السياسية مختلف
عليه، فهناك من الناحية الرسمية مبادئ سمو ولي العهد التي طرحت في مارس/
آذار 2011، وهناك سقف أدنى من ذلك يتمثل في ما سمي بـ «حوار التوافق
الوطني» في يوليو / تموز 2011.
والمعارضة المتشكلة من جمعيات سياسية
طرحت «وثيقة المنامة»، بينما طرحت الحركة المعروفة باسم «ائتلاف شباب 14
فبراير» مطالب ذات سقف أعلى من «وثيقة المنامة».
هناك مطالب
«اقتصادية» و«معيشية» وبعضها يتعلق بمكافحة الفساد وبالشفافية وتدفق
المعلومات وتوزيع الأراضي والإسكان، وهذه بالإمكان أن يتوحد عليها كثيرون
من مختلف التوجهات، المعارضة وغير المعارضة.
وهناك مطالب من نوع آخر،
وهي مطالب «مدنية» و«اجتماعية»، وهي تتعلق بالتمييز ضد فئة من المواطنين،
وهذا التمييز هو أحد أسباب الانتفاضات والأحداث المتكررة في البحرين، وهو
مرفوض في دستور البحرين وفي المواثيق الدولية الملزمة للبحرين.
ولعل
هناك من يرى أن وجود الآخر يشكل خطورة عليه، ويعتبر هذا التمييز أمراً يجب
الاستمرار فيه، ويرفض التحدث عنه أو حتى الإشارة إليه من قريب أو بعيد، لكن
هذا ليس مقبولاً من جميع النواحي ويجب أن يرتفع الجميع إلى المستوى
الإنساني المتعارف عليه دولياً.
إن نجاح أي حوار يحتاج إلى إمكانية
المصارحة العقلانية، وإلى استعادة الثقة لكي نستقوي ببعضنا بعضاً، بدلاً من
عكس ذلك، وهذا كله يتطلب إيجاد آليات فعّالة لكي تتعافى البحرين وتجد
طريقاً أفضل من المسلك الحالي.