تسربتْ الأفاعي إلى ثيابِنا ودفأناها في جيوبِنا وبيوتنا.
صحونا بغتةً فإذا المدنُ دمار، والشعوبُ هائمة على وجوهها في ملاجئ ومخيمات وتحت الثلوج والنيران!
الطائفيون
السياسيون انتشروا بفضلِ الحكومات وصناديق ضخ الأموال وخدع الجهاد وهوس
القوميات الطائفية ثم استيقظتْ بعضُ الحكومات على الأهوال وحرق البلدان
وانتشار النيران من بلدٍ إلى بلد وما تزال الخريطةُ تشتعل، والبيتُ الذي لا
يحترق نيامٌ أهله، وصرخاتُ جيرانهِ لا يسمعها.
وطنيون
وليس مسيسين سنةً وشيعة وعلويين ودروزاً، وطنيون موحِّدون لا ممزقين
بلداننا، وطنيون لا مخربين فوضويين، وطنيون لا نقابيين طائفيين وبرلمانيين
طائفيين ومتعلمين طائفيين.
بدلاتُ
الطوائف السياسية المشتعلة ضعوها على معالقِ الصخور وفي قيعانِ البحار وفي
المزابل، هناك أمكنتها الطبيعة لا في النقابات والقصائد ومدارس الطلبة ولا
في المصانع والصحف، ولا في الأحزاب والبرلمانات والعقول والبرامج.
لسانُ
رجلِ الدين الطائفي يضخُ نيرانَ الموتِ لشعبه، فآن له أن يعودَ مُوحّداً،
أما يرى كيف احترقت المساجد؟ أما يرى كيف تشردت الشعوبُ وتلحفتْ بقصفِ
الطائرات الطائفية ودك المدافع الطائفية؟
أما
يقرأ القرآنَ؟ أما يرى الجثثَ التي ملأت ساحات بلاد المسلمين؟ وكلُ طامعٍ
بالسلطان والكنوز تلحفَ بعباءةِ الموت هذه وخدع الشبابَ الساذج، وأعطى
لعصاباتٍ من السياسيين الذين جعلوا المبادئَ مثل الأحذية المهترئة، وزارات
وقطائعَ وهمية فلا يرون سوى المقابر والسجون والفوضى والدمار؟
لماذا
يصمت رجلُ الدين ويشارك في نحرِ الشعوب، وتوصيل القنابل الى البيوت، لماذا
لا يتكلم ويوقظ الأمهات والآباء النائمين عن أولادهم وبناتهم يحرقون
أعمدةَ الكهرباء والشوارع والسيارات والمدارس؟ ثم يحرقون بلدانَهم؟
لماذا
يشاركُ في الجريمة؟ من خطفَ لسانه؟ من سرقَ بيانه؟ كيف يشاركُ في المنظمات
الطائفية السياسية ويحطمُ إرادات الشعوب؟ يجعلها عرضةً للحروب؟
أخرجوا
من المنظماتِ الطائفية، أخرجوا من مصائدَ الموت هذه، من تظاهراتِ الكراهية
لأخوتكم، من تحت عباءاتِ زعماء العصابات الذين يقودونكم لقتل أهلكم،
لتوزيعكم على ملاجئ الظلام والبرد والجوع، ومخيمات اللجوء فتنتظرون قنابل
من الكرام لا تجيء، لكنها تمحو المدن والحياة.
أخرجوا
من مقراتِهم ومظاهراتِهم ومعسكراتهم وكونوا في بلدانكم في أمتكم في نضالكم
الوطني، في أقاليمكم وقد صارت للوطن، للمواطنين من كل المذاهب والأديان،
للمسيحيين والمسلمين، للعرب والأكراد، لأهل الشمال المسلمين وللمسيحيين في
الجنوب، للعرب والبربر، للسود والبيض، لأهل القبائل والمدن، تراصوا في
تجمعاتكم وقد صارت مدافعةً عن شعبكم، في كتلكم البرلمانية وقد صارت كتلةً
شعبية تبحثُ عن قضايا الإنسان من كل الألوان!
أخرجوا من معسكراتِ القتلة يذبحون على الهوية الطائفية، لا تستبدلوا قتلةً بمجرمين، ولصوصاً بمجانين.
أخرجوا
من عالمِ الطوائف لرحاب الأوطان، لا توجدُ قصيدة سنية ومسرحيةٌ شيعية
ونقابة مسيحية، لا يستدرجكم الطائفيون بالوعود الخلابة فوراءها نيرانٌ
ضارية، فممزقو الشعوبِ لا يقودونها إلا للهلاك، يبعدون آياتَ التوحيدِ وهم
يتلون الكتاب، جاءوا من الكهوفِ وعصور الظلام حيث تمزقتْ الأممُ والشعوبُ
لقطعِ فسيفساء محترقة، يعيدون إنتاجَ الكراهيةِ والمذابح والجهل.
يخدعوننا
يوماً بعد يوم أنهم المحررون والمنقذون والناس المأزومون في عيشهم أو
المتبطرون في غناهم تستهويهم الأحلام، ينقادون الى العصاب الطائفي وليس الى
النضال العقلاني الوطني، يخدرهم القات المذهبي المسموم فيحرقون بلداً
موحَّداً، فصار اليمن السعيد دامياً، والعراق كنز الأنهار والحقول المعدنية
جائعاً شريداً، ومصر المحروسة بلا حراس تطلبُ معونة المجرمين، والجزائر
جزائر من الجثث، ولبنان الأخضر دامياً، وسوريا.. آه سوريا في القلب الدامي.
ويريدون التسلل الى الجزيرة العربية وتطبيق برنامجهم المشؤوم، الذي لا يتوقف. فكلما أكل ضحيةً طلب المزيد.
فآن لهذه الأمةِ أن تحيا، وهذه الشعوب أن تتحرر وتتوحد وتنزعَ الأوشاب والأشواك من جلدها وثيابها