المنشور

ما العمل من أجل التغيير؟ – بشار يوسف



لم تعد مهمة النقاشات الجانبية والهامشية، التي يحاول أن يجرنا إليها خصوم الديمقراطية، حول نسبة المقاطعة ونسبة المشاركة في انتخابات مجلس الصوت الواحد، أو الحديث عن أداء مثل هذا المجلس الساقط، شعبياً وسياسياً، وغير ذلك من الأمور التافهة، إذ إننا جميعنا نعلم بأن الهدف الأساسي للحراك الشعبي لا ينحصر في الصوت الواحد أو الأصوات الأربعة، بقدر ما هو حراك رافض لنهج الانفراد بالسلطة ومطالب بإقامة نظام ديمقراطي حقيقي تكون السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً.


والمهم الآن، هو التفرُّغ التام للعمل والإجابة – بالأفعال – عن سؤال ما العمل من أجل تحقيق التغيير؟


إن أي تغيير يتطلب عاملين، موضوعيا وذاتيا.. وفي ظني، إن العامل الموضوعي ناضج، فالأزمات السياسية تتوالى، والفساد مستشرٍ بجميع مؤسسات الدولة، وعجلة التنمية متوقفة، والحكومة تثبت يوماً بعد يوم فشلها في إدارة البلد، مع أنها متفردة بالسلطة، هذا فضلا عن نجاح الحركات الشبابية والشعبية في بعض البلاد العربية بإحداث التغيير، إلى جانب أن الشعب محبط ومتذمر وغاضب وفاقد الثقة في الحكومة الحالية وطريقة عملها، والأهم أن هناك تطلعاً شعبياً نحو التغيير.


أما العامل الذاتي، فهو مَنْ يجيب عن سؤال ما العمل للتغيير؟ إذ يجب علينا أن نقدِّم بديلاً عن الوضع القائم عن طريق العمل على بلورة مشروع حقيقي واضح متكامل تتعاون القوى السياسية المعارضة والقوى الشبابية على صياغته وتضع خارطة طريق لتنفيذه وللتحرُّك عبر جميع الوسائل السلمية المتاحة لإقامة نظام برلماني ديمقراطي كامل وتحقيق مشاركة شعبية فعالة في الحكم.


إن ردود الفعل العفوية من مسيرات وتجمُّعات وندوات ولجان شعبية وتحرُّكات شبابية، على أهميتها، إلا أنها تنطلق، مع الأسف، من دون أن يكون لديها مشروع واضح متكامل ومتفق عليه يلبي مطالب التغيير الديمقراطي.


إن المعارضة الديمقراطية يجب ألا تقبل بأنصاف الحلول، وألا تقبل بالحلول الترقيعية، وعليها ألا تتنازل عن حق الشعب في الديمقراطية الكاملة وإطلاق الحريات السياسية والاجتماعية، وإنما يجب أن تنطلق هذه المعارضة الديمقراطية من مشروع سياسي واضح يتفق عليه غالبية الشعب بمختلف أطيافه.


بشار يوسف
منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 0912013 العدد:1977.