المنشور

وظائف الزمن الجديد



يتحدث
تقرير صحافي عن إحجام طلبة وطالبات بلدان الخليج من خريجي الثانوية العامة
والذاهبين إلى الجامعة عن الالتحاق بكليات التربية وكليات العلوم
الاجتماعية والإنسانية عامة، وميلهم للتخصصات التقنية التي تؤمن لهم القدر
الضروري من معرفة التعامل مع الكمبيوتر والمخاطبة باللغة الإنجليزية، وهو
نفسه القدر الذي بات شرطاً تطرحه سوق العمل الحالية في الدول الخليجية،
وربما في غيرها من البلدان العربية في ظل تنامي فرص التوظيف في القطاعات
المصرفية وشركات القطاع الخاص وما هو في حكمها أمام تراجع مثل هذه الفرص في
قطاعات التوظيف التقليدية، كالتربية والتعليم والوزارات والدوائر الحكومية
.


ويلاحظ
التقرير نفسه أن نسبة إقبال الإناث بالذات على الالتحاق بالتخصصات العملية
التي توفر فرص عمل سريعة، قد ارتفعت إلى أكثر من سبعة أضعاف بالمقارنة مع
الإقبال على الكليات النظرية، فيما انخفضت نسبة المقبلات على كليتي التربية
والآداب إلى نحو 20% من مجموع الطالبات المقبولات .


ومن
ملاحظة كشوف الطلاب والطالبات الحائزين على منح وبعثات دراسية في بلدٍ
خليجي كالبحرين، تستوقفنا الملاحظة ذاتها، حيث يبدو الإقبال على تخصصات
الإعلام والوسائط المتعددة وتقنيات الكمبيوتر، فيما يتراجع على تخصصات
تقليدية كانت تعد في السابق باعثة على الوجاهة والحلم بمستقبل وظيفي زاهر
مثل الطب والهندسة بفروعها المختلفة والحقوق والعلوم السياسية .


يؤشر
هذا على أننا بصدد تحولات مهمة في النظر إلى فكرة التعليم وغاياته، وكذلك
في النظر إلى معايير النجاح والوجاهة والتفوق من خلال اختيار الكليات أو
المعاهد التي يعتقد أنها تؤمن تخصصات تحقق للملتحق هذه الرغبة .


ولو
أجلنا النظر في الأفلام العربية القديمة لوجدنا أن حبكة الكثير منها
تتمحور حول سيرة طبيب بارز أو آخر شاب يشق درب صعوده المهني بالعمل في
الأرياف، أو حول سيرة محام ناجح يكسب القضايا الصعبة في قاعات المحاكم، أو
“باشمهندس” آتٍ من مُدرجات كلية الهندسة في جامعة القاهرة ليدير شركة
مقاولات مرموقة .


الصورة
اليوم هي لوضع جديد تتبدل فيه الميول بصورة واضحة لدى أبناء وبنات الجيل
الجديد، حيث فرضت السوق وتطوراتها شروطاً واحتياجات مختلفة، أفرزت، بدورها،
تصورات وقيماً جديدة حول معايير النجاح المهني والشخصي وحول طبيعة
المهارات التي يجب تملكها، إذا ما كانت طبيعة الوظائف الجديدة تؤمن عوائد
مشابهة أو متفوقة على تلك التي كانت “وظائف زمان” تؤمنها .