تنشغل الساحة البحرينية بوجهتي نظر متضادتين، إحداهما تقول بأنه لا يمكن
البدء بحوار بين السلطة والمعارضة إلا بعد أن تقوم المعارضة بوقف العنف في
الشارع… وعندما تتمكن جمعيات المعارضة من الوقوف أمام العنف، وإيقاف
الاحتجاجات أيضاً، فإن الحوار الذي سيفسح لها لن يكون سوى تفاهمات وتبادل
وجهات نظر حول مواضيع شتى مع جمعيات تخالف المعارضة في كل شيء تقريباً.
وبعد أن تنتهي من ذلك فإن على جمعيات المعارضة أن تجلس وتتحاور مع نساء
ورجال وجمعيات تمثل جميع الجاليات الأجنبية في البحرين، وبعدها سيتم تحليل
كل ما جاء في هذه اللقاءات، وأن السلطة ستوافق فقط على المواضيع التي يتم
الاتفاق عليها.
وجهة نظر أخرى مضادة تقول بأنه لا حوار مع السلطة إلا بعد أن تتوقف
انتهاكات حقوق الإنسان التي أصبحت «ممنهجة بشكل واضح»، وأن على السلطة
تنفيذ كل الإجراءات التصحيحية لإثبات حسن نيتها، وبعد ذلك يمكن الدخول معها
مباشرة في مفاوضات حول المستقبل السياسي للبلاد.
وجهتا النظر مختلفتان، فإحداهما تتبناها جهات محسوبة على السلطة،
والأخرى تتبناها مجموعات محسوبة على المعارضة، وهذه تزداد حدة في خطابها مع
ازدياد التعقيدات والإحباطات.
وجهتا النظر متفقتان في أمر واحد، وهو أن بلادنا تمر بأزمة حادة، ونحن
نعتقد بأن المخرَج يكمن في «حوار له معنى» يشمل السلطة والأطراف المعنية
بمختلف توجهاتها المعارضة وغير المعارضة، ويفضي إلى خيارات عقلانية لتوجيه
دفة الوضع السياسي نحو الأمن والاستقرار، وفي الوقت ذاته يفتح البيئة
السياسية نحو آفاق رحبة تليق ببحريننا في القرن الحادي والعشرين.
إننا نرى أن وضع الشروط التعجيزية لن يحقق نصراً لأحد، ونعتقد بأن نصرنا
جميعاً يكمن في احترام العقل البشري والاستماع للنصائح المخلصة، وعدم
الاستمرار في تضييع الفرص الواحدة تلو الأخرى تحت أي عذر كان.