والله، بالله، تالله، لم أجد سخفاً وتبجحاً واستخفافاً بالعقول كما
وجدته في تصريح الأمين العام لاتحاد الجاليات الأجنبية في البحرين بيتسي
ماثيسون خلال أحد المؤتمرات التي عقدت قبل عدة أيام من قبل إحدى الجمعيات
المحسوبة على السلطة والذي قالت فيه إنها تشكل الكتلة الأكبر في البلاد
وتمثل أكثر من 600 ألف نسمة، أي أكثر من 51 في المئة من سكان البحرين ولذلك
فهي تطالب بأن تشارك كطرف أساسي في أي حوار وطني مقبل بين الحكم والشعب
البحريني.
بالطبع رأينا الآلاف من الجالية الآسيوية خصوصاً تشارك في
حمل الشعارات والصور التي كثيراً ما تحمل بشكل مقلوب، في المسيرات التي
نظمتها الجمعيات السياسية الموالية، ولكن ذلك لا يعطيهم الحق في مشاركة
الشعب البحريني في خياراته لشكل دولته، كما أن 99 في المئة من هؤلاء العمال
المغلوبين على أمرهم لم يسمعوا من قبل عن السيدة ماثيسون أو عن اتحادها
ولن يسمعوا به أبداً.
في مقابل مشاركة هذه العمالة في المسيرات
الموالية، رأينا كيف يمنع ويعتقل النشطاء الحقوقيون الأجانب ومراسلو وكالات
الأنباء ويسفروا قسراً أو يمنعون من دخول البحرين.
لم نعرف عن
ماثيسون من قبل أي موقف يؤكد أنها تمثل جميع السكان الأجانب في البحرين غير
اختيارها ضمن الوفد الرسمي الذي مثل البحرين في اجتماعات المراجعة الدورية
لحقوق الإنسان الذي عقد مؤخراً في جنيف والذي شاركت فيه البحرين بأكبر وفد
في تاريخ الأمم المتحدة حيث ظن البعض أن مقولة «الكثرة تغلب الشجاعة» يمكن
أن تطبق في جميع المعارك.
الغريب أن هذا البعض يريد أن يقنع العالم
بأن ماثيسون تمثل الـ 600 ألف أجنبي في البحرين أي جميع الجاليات الأجنبية
في حين أن عدد أعضاء اتحادها لا يتجاوز المئات إن لم يكن العشرات، ولم يكن
لهذا الاتحاد أي نشاط يذكر من قبل، بعكس جمعية حماية العمال الوافدين
ورئيستها ماريتا داياس التي كان لها دور مشهود في كشف الممارسات غير
الإنسانية التي تمارس ضد العمالة الأجنبية في البحرين والدفاع عن العمال
الأجانب.
أقسم بأن ماثيسون لا تتحدث باسم زوجتي التي عاشت في البحرين
لأكثر من 18 سنة ولم تحصل حتى الآن على الجنسية البحرينية بسبب أنها زوجة
بحريني من طائفة مغضوب عليها، كما لا أعتقد أنها تمثل الطبقة العاملة
الأجنبية المسحوقة التي لا يتجاوز راتبها الـ 100 دينار، ولكنها من الممكن
أن تكون الناطق الرسمي باسم المستشارين والمديرين ومن في حكمهم.
نحن
لا ننكر حق الجالية الأجنبية في نيل حقوقها، وخصوصاً أن لهذه الجالية فضلاً
كبيراً في إنشاء البنية التحتية في البحرين، كما كان للبعض منها إسهاماته
في شتى المجالات العلمية والطبية والتربوية والتعليمية، ونؤمن أن من حق هذه
القوى العاملة أن تحظى بحياة إنسانية كريمة، وشروط عمل عادلة، هذه هي
مبادئنا الإنسانية والإسلامية، ولكننا نؤمن بأنه ما لم يكن هناك مجتمع عادل
لأبنائه، يساوي بين جميع أطيافه، مجتمع يضع حقوق وكرامة الإنسان فوق كل
الاعتبارات، فلا يمكن أن يكون هناك عدل اجتماعي ليس فقط بين المواطن
والوافد وإنما بين المواطن المتنفذ والمواطن البسيط، فإن كان هناك عدل فإنه
سيعم الجميع وإن كان هناك حق فهو للجميع، ولا يمكن إنجاز كل ذلك إلا من
خلال تحقيق أبسط المبادئ التي أقرتها المواثيق الدولية ومبادئ حقوق الإنسان
والتي ندعو جاهدين لتحقيقها في وطننا.