تمر اليوم 12 ديسمبر 2012 الذكرى السادسة والثلاثون لاستشهاد الشاعر والمناضل البحريني سعيد العويناتي عام 1976م على يد جهاز أمن الدولة بقيادة رئيس جهاز الأمن السابق سيئ الذكر إيان هندرسون، حين شن هذا الجهاز حملة اعتقالات واسعة ضمن سريان قانون أمن الدولة، حيث شملت الهجمة القوى الوطنية والديموقراطية والتقدمية البحرينية عام 1975م، بعد أن تم حل المجلس الوطني (البرلمان) واعتقال وتعذيب عدد من المناضلين السياسيين، والتي أدت إلى استشهاد المناضل محمد غلوم بوجيري في الثاني من ديسمبر عام 1976 والمناضل الشاعر سعيد العويناتي في الثاني عشر من ديسمبر من العام نفسه.
سُمي سعيد العويناتي «لوركا البحرين» لتشابه مصيره بمصير الشاعر الإسباني العظيم فريدريكو لوركا الذي أعدم إبان الحرب الأهلية الإسبانية، وبعيد انقلاب الجنرال الفاشي فرانكو في يوليو 1936م، وأيضاً لتشابه الشاعرين في الرقة والدماثة، كما يشتركان كذلك بشعر يحمل العمق والسحر والفتنة، إلا أن لوركا دُفن في مكان مجهول ولا يُعرف مكان جثته حتى الآن.
لم أتشرف بلقاء سعيد العويناتي، بيد أني قرأت ديوانه الوحيد «إليك أيها الوطن… إليك أيتها الحبيبة» عندما صدر عام 1976م عن «دار الغد» في البحرين التي كان يديرها الشاعر علي عبدالله خليفة عندما كنت طالباً في القاهرة في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي، وأعجبني في شعره امتزاج القوة بالرقة.
وقد قال الشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف عن سعيد العويناتي: «أسررتُ لصديق برغبتي في التقاء الشاعر الشاب، ولم تمر أيام عدة حتى التقيته»، وأضاف واصفاً لقاءه الأول: «كان ذا صوت خفيض وعينين مستقرتين وتواضع مكتمل، تحدثنا عن الشعر في البحرين».
يشار هنا إلى أن سعيد العويناتي هو من خريجي قسم الصحافة في جامعة بغداد عام 1974م، وقد عمل في الصحافة مديراً لتحرير مجلة «الحياة التجارية» الشهرية، ومحرراً في صحف ومجلات بحرينية عدة مثل «صدى الأسبوع» و«الأضواء»، بالإضافة إلى إشرافه على الصفحة الأدبية في مجلة «مواقف».
ومضى سعدي يوسف واصفاً مجريات اللقاء الأخير بالعويناتي والذي سبق استشهاده، وكشف عن أنه سأل الشهيد الذي قرر السفر: «إلى أين؟ للدراسة؟» رد سعيد: «نعم لكني سأزور البحرين زورة قصيرة، أرى فيها الأهل والأصدقاء، وبعدها أذهب إلى حيث الدراسة»، وتابع سعدي مردداً لازمة أشبه بالمرثية: «سعيد العويناتي أطال المكث في وطنه، سعيد قتل في 12 ديسمبر 1976م بتهشيم رأسه ».
وفي مثل هذا اليوم نستذكر مآسي ومصير شهداء الفن والأدب في التاريخ البشري، ونتساءل ونحن في القرن الواحد والعشرين: لماذا يتم التعامل بوحشية مع كائنات رقيقة ؟ وما الخطر الكبير على دول قوية الذي يمكن أن تسببه قصيدة شعر أو لوحة فنان أو قصة قاص؟ بل لماذا يقتل الإنسان ويقمع لمجرد أن لديه رأيا يقوله؟
جريدة الرأي
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com