زعيم الحزب هو من يكتفي بمخاطبة حشد من أعضاء حزبه وأنصاره، فيصفقون له، ما شاء له أو لهم التصفيق، وأن يشقوا بحناجرهم عنان السماء وهم يرددون اسمه صارخين: يعيش . . يعيش، أو حسب الشعار العربي الأثير: بالروح . . بالدم نفديك .
أما حين تحمل صناديق الاقتراع الزعيم الحزبي إلى رئاسة الدولة، فإنه يكف، أو يجب أن يكف، عن أن يكون مجرد زعيم لحزب أو جماعة، وإنما يتحول إلى زعيم للأمة بمختلف أحزابها وميولها واتجاهاتها . حين انهزم المرشح الجمهوري الأمريكي أمام باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية الأخيرة قال: إن أمتنا اختارت أوباما رئيساً، ودعا الأمة إلى إعادة التوحد حول الرئيس الفائز، ومثله فعل أوباما الفائز الذي خاطب الأمة كلها بصفته رئيساً لها كلها .
لقد تحدث عن الأمة، لا عن الحزب ولا عن العشيرة على نحو ما فعل الرئيس مرسي، الذي أدخل إلى القاموس السياسي المصري، بمفردة العشيرة، تعبيراً نافراً عليه، غريباً عن مصر وتقاليدها، هي التي حولها جمال عبدالناصر إلى أمة من المواطنين، .
الإخوان المسلمون في مصر يريدون أن يقزموا مصر الكبيرة العظيمة على مقاس حزبهم . في البلدان غير الديمقراطية حين يريد الحاكم تعطيل الدستور وحكم القانون فإنه يصدر مراسيم بقوانين، لكن الإخوان أتوا بسابقة بزوا بها كل من سبقهم ومن سيليهم: إعلان دستوري بكامله، حصنوا بموجبه قراراتهم التي أصدرها الرئيس بوجه أي مساءلة، وتطاولوا على القضاء، وهو في مصر قضاء مشهود له باستقلالية لا مثيل لها في عالمنا العربي، وأوشكوا أن يطبقوا على كامل مفاصل المجتمع، لا الدولة وحدها .
صحفية مصرية شابة كتبت على صفحتها على “الفيسبوك” تقول: “فقط 25% من أصوات المصريين حصل عليها الدكتور مرسي في المرحلة الأولى من الانتخابات، وهذه ملايين تستطيع أن تملأ بها الساحات، لكنها ليست مصر، أضيف إليها أصوات السلفيين الذين يقبلونه وإن كانوا يفضلون رئيساً أكثر تشدداً، لكن مجموعهم معاً لم يضمن أغلبية رغم أنهم ملايين، فكانت الاستعانة ببعض قوى الثورة التي أخذت تعهدات مكتوبة على الرئيس بمشاركة الجميع ومدنية الدولة وتحقيق أهداف الثورة، وكل هؤلاء لم يضمنوا فوزاً ساحقاً، كل هؤلاء لم يكونوا مصر . مصر أكبر” .