ما يمكن التأكيد عليه وتدعمه جميع الشواهد والأحداث هو أن قوى المعارضة
لم تختلق الصراع الطائفي أو تسعى إليه في أي مرحلة، مثلما هي لم تسعَ إلى
العنف أو تدعو إليه، وإنما هي تهمة جرت إليها غصباً وأُلصقت بها عمداً.
أول
الشواهد هو النسيج المتشابك لقوى المعارضة، من خلال تحالف جميع الجمعيات
السياسية ذات التاريخ المعارض، هذه الجمعيات مختلفة في توجهاتها الفكرية
فمنها الدينية والعلمانية، والقومية والبعثية، وبذلك لا يمكن أن تتهم
بالطائفية، حيث إن أعضاءها من مختلف الطوائف.
الأمر الآخر، هو أن
المعارضة لم تطرح يوماً مطالب ذات صبغةٍ طائفيةٍ، أو تخص طائفةً دون أخرى،
مهما علا الضجيج ومحاولات التشويش، وإنما طرحت مطالب وطنية تشمل جميع أبناء
البحرين، حتى وإن أراد البعض ليّ عنق الحقيقة وفسّر المطالب عن طريق قراءة
النوايا وبشكل مشوّه.
المعارضة وطوال الفترة الماضية، لم تعتدِ لا
بالقول ولا الفعل على أي من أبناء الوطن، بعكس الفئات التي كانت ولاتزال
تؤجّج جمر الطائفية، هذه الفئات هي من اعتدت على المحلات التجارية وكسّرتها
ونهبت وسرقت ما شاءت من هذه المحلات، لمجرد أنها ملكٌ لأشخاص من طائفة
معينة.
محاولة البعض انتهاز الفرصة للتضييق على ممارسة الشعائر
الدينية، ومنعها من بعض الأماكن الحيوية أو المناطق المختلطة بحجة «احترام
حقوق المواطنة، وشلّ الحركة العامة والحياة الطبيعية»، واستثارة الدولة لكي
تقف ضد مكوّن أساسي من مكونات المجتمع البحريني، إنما ينبئ عن نفوس جبانة،
تستغل الظرف الراهن، لتفرض أجندتها على الوطن، من خلال الاستقواء بالأجهزة
الأمنية، لفرض واقع جديد، تكون فيه الغلبة لها، دون أن تقدّم ما يؤهلها
لذلك.
إن أرادت هذه القوى الانتهازية أن تؤسّس لواقع جديد تحظى فيه
بامتيازات خاصة لنشر أفكارها وتوجهاتها و «قراءتها هي للتاريخ»، فعليها قبل
كل شيء أن تقوم بذلك من خلال قواها الخاصة وكوادرها، وليس من خلال تأليب
الحكومة على الناس، وحثّها على استخدام القوة في مواجهة مراسم دينية تُمارس
منذ قرون.
وسواءً اتفقت هذه القوى الانتهازية مع الشعائر الدينية أو
اختلفت معها، وسواءً أرادت هذه القوى أن تطرح قراءة صحيحة للتاريخ (هذه
القوى اتهمت طائفة كاملة بأن لديها قراءة خاطئة للتاريخ وتفسير خرافي
للأحداث) أو أرادت نشر أفكارها، فإن كل ذلك لا يفرض بالقوة، و «بحق الشرطة
في تفريق كل احتشاد أو تجمهر»، وإنما بالفكر والإقناع والتسامح والتواصل
بين المذاهب لا بمحاربتها واستعدائها.
يبقى أننا نتفق في شيء واحد مع
ما طرحته هذه القوى وهو ضرورة احترام ثوابت الأمة الإسلامية وعدم التعدي
بالطعن أو سب الصحابة وأمهات المؤمنين، وتحميلهم مسئولية مقتل الإمام
الحسين، ولكن هل يشمل ذلك أيضاً من قام بقتل الإمام الحسين وسبى نساءه من
آل بيت الرسول؟