البحرين تحتاج للاستقرار السياسي، والتحدي الأكبر يكمن في كيفية تحقيق
هذا الاستقرار. والخيار أمامنا هو إمّا تحقيق استقرار سياسي «قصير الأمد»
عبر القوة، وإمّا تحقيق استقرار سياسي «طويل الأمد» عبر السياسة. والتفاصيل
بين استخدام القوة أو استخدام السياسة كثيرة جداً. وفي واقع الحال، فإن
السياسة لم تعطَ فرصتها إلا لفترة أسبوعين أو ثلاثة على الأكثر عندما
انفجرت الأحداث في منتصف فبراير/ شباط 2011. فيما عدا ذلك فإن المطروح على
الساحة هو استخدام القوة لتحقيق الاستقرار.
المشكلة في استخدام القوة
أنها تستطيع أن تحقق استقراراً قصير الأمد فقط، ولم تتمكن أية قوة على وجه
الأرض مهما عظمت أن تحقق استقراراً بعيد الأمد إلا من خلال السياسة.
وقريباً سنكمل عاماً على إصدار تقرير لجنة تقصّي الحقائق، وهذا التقرير
الذي أشرف عليه محمود شريف بسيوني اقترح توصيات تعتمد على الحل السياسي،
ولكن ذلك لم يتحقق كما طرحه التقرير لأن وجهة النظر السائدة مازالت تؤمن
بإمكانية تحقيق الاستقرار عبر استخدام القوة.
إن انعدام الاستقرار
السياسي ينشأ نتيجة لعدم القدرة على معالجة المظالم التي يشعر بها
المواطنون، أو عدد كبير منهم، ومع ترك المظالم من دون معالجة فإنها تتحول
إلى أنماط مختلفة من الصراع وتتفاعل مع الأحداث التي تطرأ على الساحة
المحلية أو الإقليمية أو الدولية لتخرج بصورة مفاجئة، تماماً كما حدث في
مطلع العام 2011.
عدم الالتفات إلى السخط المتزايد على مر السنين،
ومن ثم اتهام من يعبِّر عن رأيه بشتى التهم التقليدية، وتنفيذ مختلف أنواع
العقوبات، وإنزال المزيد من الآلام، وزيادة الانتهاكات لحقوق هذه الفئة من
المجتمع أو تلك، واستضعاف آخرين وتجريدهم من صفة المواطنة، كل ذلك لا يحقق
أمناً أو استقراراً. هذه هي الرسالة التي يوجهها تقرير بسيوني، وهي ذاتها
الرسالة التي توجهها توصيات جنيف لنا جميعاً.