تمرُّ البحرين بأزمة سياسية طال أمدها، وهي أزمة تشعبت وأصبحت لها جوانب
اقتصادية واجتماعية ومعنوية، وتداخلت الآمال بالآلام، وبرزت إلى السطح
مظاهر لم نعهدْها من التنابز والتقاذف والاتهامات والتشكيك، من دون أن نغفل
الآثار المادية، وما حدث في الوظائف، وامتلاء السجون وعودة الكثير من
الناشطين إلى المنافي، وازدحام الساحة بالأحداث المؤسفة التي تتخللها مظاهر
عنف لا نتمنى الاستمرار في رؤيتها.
وبغض النظر عن مختلف التنفسيرات
لما حدث في البحرين؛ فإن التحدي الأكبر الذي نواجهه جميعاً؛ يكمن في إيجاد
عملية سياسية سلمية تستجيب للتطلعات المشروعة لجميع فئات المجتمع، وتمكِّن
من طرح الحلول العملية؛ التي تحتاج إليها البحرين؛ لكي تنهض مرة أخرى.
ولقد
اتخذت ست جمعيات سياسية معارضة (وعد، الوفاق، المنبر التقدمي، التجمع
القومي، الإخاء الوطني، والوحدوي) خطوة استراتيجية في الاتجاه الصحيح؛ من
خلال إشهار «وثيقة اللاعنف» في (7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012) أكدت فيه عدم
انتهاجها في سلوكها أيّاً من أساليب العنف أو تجاوز حقوق الإنسان والآليات
الديمقراطية، معبرة عن إدانتها للعنف بكل أشكاله، ومصادره وأطرافه.
إننا،
في الوقت الذي نرحب فيه بوثيقة المعارضة؛ نعلم أن «اللاعنف» يعبِّر عن
التزام مبدئي في الحياة، وهذا يعني أن «اللاعنف» ليس قبعة يضعها المرء
يوماً ويرميها في يوم آخر، وإنما هو عمل شاق يتطلب جهوداً مضنية ومستمرة؛
لاستلهام أفكار العمل الديمقراطي السلمي، ويتطلب إفساح المجال للمخلصين من
جميع الأطراف لتصحيح الأوضاع.