أصدرت الجمعيات المعارضة في البحرين (ست جمعيات هي الوفاق، وعد، المنبر
التقدمي، التجمع الوحدوي، التجمع القومي، والإخاء) يوم الأربعاء الماضي
وثيقة إعلان مبادئ اللاعنف والتي شددت فيها على انتهاجها أسلوب العمل
السلمي في نضالها من أجل المزيد من الحريات الديمقراطية والعدالة
الاجتماعية، مؤكدةً «أن العنف لا يمكن أن يكون وسيلة لتحقيق مطالب مشروعة
أو يستخدم لمنع تحقيق مطالب مشروعة».
وأدانت الجمعيات في هذه الوثيقة
العنف بكل أشكاله ومصادره وأطرافه، متعهدةً أن تدعو في أدبياتها وخطابها
وبرامجها إلى ثقافة اللاعنف وانتهاج السبل السلمية والحضارية.
لا
يمكن إغفال أن هذه الوثيقة صدرت بعد تصاعد أعمال العنف والعنف المضاد في
الشارع والتي كانت ذروتها تفجير خمس عبوات ناسفة محلية الصنع يوم الاثنين
الماضي، ما أسفر عن سقوط ضحيتين آسيويتين وإصابة ضحية ثالثة بإصابات بليغة.
ورغم عدم وجود دليل واحد يربط هذه التفجيرات بالقوى المعارضة في الساحة،
وحتى قبل أن تبدأ وزارة الداخلية بجمع الأدلة، تم اتهام القوى المعارضة
بجميع فصائلها وتلاوينها بالقيام بهذا العمل عبر جميع وسائل الإعلام
الرسمية وشبه الرسمية.
لقد ظلت الاحتجاجات الشعبية في البحرين، حتى
النهاية، متمسكةً بسلميتها رغم الخسائر البشرية التي تكبدتها ورغم سقوط عدد
من القتلى والجرحى، ولم تنجر إلى العنف المضاد إلا بعد أن فقدت الجمعيات
السياسية سيطرتها على الشارع نتيجة التمادي في أشكال العقاب الجماعي
ومحاصرة القرى وإغراقها بالغازات المسيلة للدموع لعدة أشهر، واستخدام أسلحة
الشوزن ما أدى إلى سقوط المزيد من الضحايا.
في مرافعته أمام محكمة
الاستئناف العليا الجنائية قال الأمين العام لجمعية العمل الوطني
الديمقراطي (وعد) إبراهيم شريف «عندما يستخدم الطرفان القوة والعنف لفرض
إرادة كل منهما على الآخر، فإن الفوارق الأخلاقية والقيَمية بين الطرفين
تكاد تختفي ويصبح من الصعب إبعاد اهتمام قوى السلام العالمية للمنظمات
الحقوقية الدولية بعدالة قضيتنا، ونستنفد بذلك الرافعة المعنوية التي
يحتاجها شعبنا للاستمرار في نضاله من أجل دولة ديمقراطية عادلة. العنف
ثقافة ينشأ عليها المستبدون، وهي ثقافة مدمرة للمجتمعات إذا تبنتها الشعوب
وقواها السياسية المعارضة، أما إذا كان الهدف هو التحوّل الديمقراطي فإن
الوسيلة الطبيعية هي الاحتكام للإرادة الشعبية السلمية، إما عن طريق صناديق
الاقتراع، فإذا لم تتوفر، فعن طريق الاحتجاجات السلمية وربما العصيان
المدني».
تصاعد أعمال العنف لا يمكن أن يصب في مصلحة القوى المعارضة
وقضيتها، ولذلك كان لابد أن تصدر هذه الوثيقة قبل أن تدخل البحرين في وضع
أسوأ، ويستغل البعض أجندته لضرب أي تقدم يمكن إحرازه.