التجمعات والمسيرات التي شهدتها الكويت السبت الماضي كانت فريدة في حجمها وتنظيمها، مفرطة في سلميتها وحضاريتها، وممثلة للجيل الشبابي الصاعد في طموحاته إلى حاضر زاهر ومستقبل واعد. فكانت بإعداده لها، ودعوته إليها وقيادتها معبرة عن نبله ونبل مبادئه منادياً “سلمية سلمية”.
ما حدث كان صرخة ألم مدوية مطالبة بالإصلاح الشامل، ومحاربة الفساد والمفسدين، وتعبيراً عن غضب الشعب الكويتي على الأوضاع السيئة التي وصلنا إليها… لم تكن فقط بسبب الانتخابات أو الدوائر أو غيرهما من طموحات البعض ممن ليس لديه همّ سوى الوصول إلى الكرسي بأي ثمن – وهم موجودون مع الأسف الشديد، إلا أنهم معروفون، وقد عزلهم الشارع الكويتي، كما هو معلوم.
لقد كان من المفجع والمؤلم أن يعامل هذا المظهر الحضاري الراقي بعنف مفرط، ينم عن جهل أو تجاهل تام لما وصلنا إليه من سوء في الأداء الحكومي، وعمى تام بالنتائج الحتمية لاستخدام العنف، فالعنف دائماً يولد عنفاً مضاداً يقفز المتطرفون إلى قيادته ليدمر الجميع.
ألم يتعظ المسؤولون من أحداث سورية العزيزة، عندما استخدمت السلطات العنف ضد صبية عبروا عن “ضيق صدرهم” بما يجري من فساد دام سنين طويلة، عبروا عنه بعفوية الطفل البريء، فتحول هذا التعبير البدائي في درعا إلى ما نشاهده الآن من دمار كامل لن تعود منه سورية إلى ما كانت عليه. لقد خسرنا سورية التي نحبها ونفخر بها.
لن ننقذ الكويت الا باتخاذ إصلاحات جذرية فورية، وأولها تغيير ثقافة الأجهزة الأمنية السائدة، وغرس منهج آخر يتركز على حماية الكويت وأهلها من الأعداء، لا ملاحقة وترويع المواطنين. وكذلك العمل على تطهير هذه الأجهزة من القيادات الفاسدة الجاهلة لمهمتها الأساسية الشريفة في حماية الوطن، وتشكيل حكومة تحب الكويت وجميع أهلها دون استثناء، يتولاها أشخاص معروف عنهم الكفاءة والنزاهة لتغيير المسار الحكومي، الذي دأب على رعاية الفساد والمفسدين طوال العقود الماضية.
يا مسؤولون اتقوا الله واتعظوا بما يجري حولنا ولا تجعلونا جميعاً دون استثناء نخسر وطننا الذي نحبه وليس لنا غيره.
صحيفة الجريدة
24 اكتوبر 2012