في كل مرة تسقط ضحية للعنف نقف لنؤكد موقفاً ثابتاً يرفض العنف بكل
أشكاله من دون أن يبرره أو يقبله مهما كانت المسببات. هذا الموقف لا يختلف
فيما إذا كان الضحية من هذا الطرف أو ذاك، فالنفس الإنسانية مقدسة، وعلينا
جميعاً تقع مسئولية إبعاد العنف عن الساحة، وعلينا جميعاً تقع مسئولية حث
الجميع نحو حل الأزمة التي طالت كثيراً.
إنه لمن المحزن أن تزداد
آلامنا من خلال مظاهر غير حسنة تساهم مباشرة في رسم صورة لمجتمع تغيب عنه
العملية السياسية القادرة على نقل المشكلات السياسية من الشارع، ومن
السجون، ومن المحاكم، إلى وسائل فاعلة نأمل رؤيتها، وهو ما نادينا به
باستمرار من أجل الخروج ببلادنا نحو مستقبل أفضل، مستقبل يكون فيه نصيب
إيجابي للجميع، ومستقبل ينشر الأمل والابتسامة التي تنقذ وطننا من مظاهر
وممارسات لا تولّد سوى والآلام.
لا يوجد بلد اعتمد على القهر والعنف
لحل مشكلاته واستطاع أن يحقق ذلك دون أن ينهك البلاد والعباد ودون أن يقع
في مصائب أكبر. وكمحب لوطني ولكل فئات شعبي من دون استثناء، فإنه بودّي أن
أراهم يجتمعون في الأفراح وليس في الجنائز، وبودّي أن أرى حكماء بلادي
يمسكون بأطراف المعادلة السياسية من كل جانب ويقولون للناس جميعاً إن رفضهم
للعنف يعبّر عن التزامٍ مبدئيٍّ، ويعبّر عن استراتيجية وطنية إنسانية
تستبدل الحزن بالفرح، وتستبدل الإحباط بالأمل.
من الواضح أن مثل هذا
الحديث يحتاج إلى ما يعمقه أكثر وليس فقط من خلال الشعارات التي لا علاقة
لها بما يجري على الأرض، ولا تعترف بما حدث، ولا ترى الطريق الحضاري الذي
يخرج بحل يجمع الناس ويوحدهم، بدلاً من تمزيقهم عبر النظر بعين واحدة
للأمور.