تعتبر مؤسسات الاتحاد الأوروبي، نموذجاً للتكتلات الاقتصادية والسياسية
في العالم رغم الاختلافات اللغوية والثقافية، إلا أن هذا الكيان استطاع أن
يقدم مثالاً متميزاً لمفهوم الوحدة من خلال ترجمته عبر مؤسسات حقيقية تعمل
لصالح المجتمعات الأوروبية.
وبحسب موقع الاتحاد الإلكتروني فإن البيت
الأوروبي المشترك يقوم اليوم على أسس متينة؛ فالبرلمان المنتخب بالاقتراع
العام، يضمن شرعية ديمقراطية للنظام المؤسسي للاتحاد، و»اليورو» حلّ محل
العملات الوطنية في 12 من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الحالي، وحرية
حركة الأشخاص باتت الآن حقيقة واقعة وراسخة. كما أن سياسات مشتركة ومنسقة
غدت تتبع في مجالات استراتيجية عديدة، مثل السياسة الخارجية والدفاع
والقدرة على المنافسة والأمن والبيئة والزراعة والتماسك الاقتصادي
والاجتماعي.
وإلى النواة الأولى للدول الست المؤسسة (فرنسا وألمانيا
وإيطاليا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ) انضمت على مراحل متعاقبة 21 دولة
أخرى، ليصل بهذا عدد الدول الأعضاء في الاتحاد إلى سبع وعشرين دولة.
فالدنمارك
وايرلندا والمملكة المتحدة، انضمت إلى الجماعة الاقتصادية الأوروبية في
أول يناير/كانون الثاني 1973، ثم انضمت اليونان في العام 1981، ثم إسبانيا
والبرتغال في العام 1986، وبعدها السويد وفنلندا والنمسا في العام 1995.
وبعد نمو تدريجي من 6 إلى 15 عضواً، قام الاتحاد الأوروبي في 1 مايو/أيار
2004 بأكبر توسع في تاريخه، من حيث حجم التوسع وتنوعه، حيث انضمت للاتحاد
عشر دول جديدة هي: قبرص وأستونيا ولاتفيا وليتوانيا ومالطة وبولندا
والجمهورية التشيكية وسلوفاكيا وسلوفينيا والمجر (هنغاريا). ثم أضيفت إلى
البلدان السابقة بلغاريا ورومانيا، حيث غدت الدولتان عضوتين في الاتحاد
الأوروبي في 1 يناير/كانون الثاني 2007.
وعندما يأتي الحديث عن
البرلمان الأوروبي تحديداً، والمنتخب لمدة خمس سنوات من قبل مواطني البلاد
الأعضاء من خلال مشاركة شعوب الاتحاد الأوروبي في عملية اتخاذ القرار، إذ
إنه مع المجلس الأوروبي، يباشر الوظيفة التشريعية للاتحاد في العديد من
القطاعات، كما يقوم بالاعتماد النهائي للميزانية. ويشارك البرلمان الأوروبي
في إجراءات تعيين أعضاء المفوضية الأوروبية التي تتشكل لمدة خمس سنوات من
27 شخصية مقترحة من قِبل الدول الأعضاء التي تعمل باستقلال تام عن السلطات
الوطنية، وتتحمل المفوضية مسئولية الدفاع عن المصالح العامة للاتحاد
الأوروبي.
كل ما جاء ذكره يشير إلى أن التكتل الأوروبي يعمل في إطار
التكامل والتفاهم الذي يتناسب مع طموحات الأوروبيين وليس تحت إطار التنافس
والخلاف، بمعنى آخر، استطاعت دول الاتحاد أن تخلق أطراً للتعاون وآليات
فاعلة يستفيد منها مواطنو الدول الأوروبية وحكوماتها بصورة حضارية راقية،
بحيث تجد أن حرية انتقال الناس والبضائع ورؤوس الأموال متاحة وكأن جميع
الدول الأوروبية بلدٌ واحد.
صحيح، تحدث خلافات بين دول الاتحاد،
ولكنها تعالج ضمن الأطر المتفق عليها، ومع دخول الاتحاد الأوروبي ودول
العالم في كساد نشهده حالياً، فمن المتوقع أن يحدث خلاف بين الدول حول
الحصص لكل واحدة منها.
ونحن في دول الخليج نجد أن التنافس هو أساس
العلاقة، بينما المفترض أن يكون التعاون الذي يتضمنه اسم مجلس التعاون
الخليجي، هو الأساس، ويعلم الجميع أن الأمور لا يمكن تبسيطها بحيث يفسح
المجال لحدوث أي شيء، فهناك حالياً تنافس في شتى المجالات، وهذا التنافس
ليس سيئاً عندما يكون ضمن استراتيجية موحدة ضمن مجلس التعاون الخليجي.
في
الحقيقة، إن الخليجيين العاديين لايزالون بعيدين عن دوائر القرار فيما
يتعلق بمجلس التعاون، فبينما تتكون مؤسسات الاتحاد الأوروبي من آليات
فاعلة، فإن لديهم أيضاً البرلمان الأوروبي الذي يصل بآراء الأوروبيين
مباشرةً إلى صانعي القرار. أما في مجلس التعاون الخليجي فإن أكثر ما يمكن
الوصول إليه هو هيئة استشارية معينة من دول مجلس التعاون، وهي هيئة ضعيفة
ليس لها أثر، ولا تجتمع كثيراً، وإذا اجتمعت لا أحد يعلم بها وبما يدور بين
أعضائها، ولن يخيب ظني لو قلت: إنهم لا يناقشون أياً من القضايا التي
تهمنا كمواطنين خليجيين.