شهد اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 سبتمبر/ أيلول 2012
اعتماد جميع الدول الأعضاء (193 دولة) إعلاناً تاريخياً بشأن «سيادة
القانون» على الصعيدين الوطني (داخل كل دولة) وعلى الصعيد الدولي. وأهمية
الإعلان الدولي أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة توصلت إلى تفاهم مشترك
لتعريف مفهوم سيادة القانون، وأن هناك ترابطاً وثيقاً بين ثلاثة أركان
يعتمد عليها هذا المفهوم.
الأركان الثلاثة المترابطة مع سيادة
القانون هي تحقيق الأمن، وتحقيق التنمية، واحترام حقوق الإنسان. بمعنى آخر،
فإن أي نص تشريعي لا يحقق الأمن والسلام، ولا يمهد الطريق نحو التنمية،
ولا يحترم حقوق الإنسان، فليس هو القانون الذي تنشده الدول الأعضاء في
الأمم المتحدة.
وقبل أن يعترض بعض القراء، أعلم أن عدداً غير قليل من
الدول التي وافقت على هذا الإعلان التاريخي لديها قوانين قمعية لا تحترم
حقوق الإنسان ولا تخلق البيئة الحميمية للتنمية. ولكن المهم أن هذا الإعلان
التاريخي طرح على مستوى الأمم المتحدة ووافقت عليه الدول، تماماً كما
وافقت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948.
الأمين
العام للأمم المتحدة بان كي مون دعا جميع الدول الأعضاء إلى الالتزام
بتطبيق القانون على الصعيدين الوطني والدولي على حد سواء، وأشار إلى أنه لا
مكان للانتقائية في تطبيق القرارات والمقررات والقوانين. وأضاف قائلاً «لا
يمكننا أن نسمح للمصلحة السياسية الذاتية بتقويض العدالة». واقترح الرئيس
الجديد للجمعية العامة للأمم المتحدة فوك ييرميتش أن تستلهم الدول الأعضاء
كلمات الفيلسوف مونتسكيو «إن أقوى الدول هي التي تحترم قوانينها، لا من باب
الخوف أو المنطق، بل من باب الحماس والتمسك بها».
أحد المفكرين يشير
في إحدى كتاباته إلى أن إمكانية أي بلد في اللحاق بركب البلدان
الديمقراطية المتطورة سياسياً واقتصادياً تعتمد على وجود (أو عدم وجود)
ثلاثة أنواع من المؤسسات السياسية في ذلك البلد. النوع الأول من المؤسسات
يعطي الدولة قوتها، والنوع الثاني يحمي سيادة القانون، والنوع الثالث يجعل
الحكومة مساءلة ومحاسبة من قبل الشعب. فقد تكون هناك دولة قوية، ولكن حكم
القانون فيها ضعيف، بل قد يخضع القانون لرغبة المسيطرين على الحكم يفعلون
به ما يشاءون، وقد تكون هناك «دولة مؤسسات»، ويكون هناك «حكم قانون»، ولكن
الحكومة تصعب مساءلتها ومحاسبتها.
الأمم المتحدة في اجتماعها الأخير
في نيويورك ورطت جميع الدول الأعضاء باعتماد إعلان يقول إن القانون له
أركان محددة (أمن وتنمية وحقوق)، وإنه لا يوجد أحد فوق القانون، وإن الجميع
متساوون أمام القانون، ولهم الحق بالتمتع بحمايته… ومؤسسات المجتمع
المدني الساعية لخدمة مجتمعها لديها إعلان دولي آخر يدعم شرعية عملها نحو
سيادة القانون الملتزم بحقوق الإنسان.