الجهة التي أشارت أو ضغطت على الجهات الرسمية لفتح معركة مع الحركة
النقابية العالمية تخطئ إذا كانت تعتقد أن العالم يسير حسب المزاج؛
فالبحرين بحاجة إلى أن تتفاهم مع المؤسسات الدولية أكثر من حاجتها للاصطدام
معها. وعليه فإن منع 26 نقابياً دولياً من حضور مؤتمر الاتحاد العام
لنقابات عمال البحرين، الذي بدأ أمس السبت (29 سبتمبر/ أيلول 2012) ويستمر
حتى الإثنين (1 أكتوبر/ تشرين الأول 2012) ليس سوى فتح معركة مع منظمة
العمل الدولية أساساً، وهي منظمة تابعة للأمم المتحدة ومسئولوها يسافرون
عادة بجوازات الأمم المتحدة.
منع ممثلي منظمة العمل الدولية
والنقابات الدولية ربما اتخذ كمراضاة لمن يسعى إلى شَقّ النقابات على أساس
سياسي بحت، ويستخدم هذا البعض أساليب التخويف لمسئولين في الحكومة لإجبارهم
على دخول صراع مع الحركة النقابية المحلية والعالمية، ويستخدم أيضاً
أساليب التشهير والوسائل التي أدانها تقرير لجنة بسيوني. إن نقابات البحرين
ليست ملكاً لأحد، وضرْبها إنما هو ضرْبٌ لإرادة ديمقراطية، والاستهداف
الواضح لاتحاد النقابات يأتي ضمن سلسلة من الخطوات التي تُتخذ من أجل
الانتقام لا غير.
البحرين كانت تُعتبر رائدة في العمل النقابي منذ
1957 عندما كانت قوى العمل تتمتع بحق التنظيم، ولكن هذا الحق تعرض للقمع في
الستينات والسبعينات من القرن الماضي. وفي 1976 استبدلت الحكومة النقابات
بلجان عمالية منزوعة الصلاحية، وكل المحافل الدولية رفضت التعامل مع تلك
اللجان وكأنها نقابات، واستمر هذا الوضع البائس حتى 2002 عندما صدر قانون
النقابات العمالية. وعلى رغم أن قانون 33 لسنة 2002 أقل مستوى من قانون
1957، إلا أن الحركة النقابية تطورت بشكل لافت، وحقق اتحاد النقابات سمعة
دولية مرموقة.
وفي 9 أكتوبر 2011، صدر مرسوم بقانون رقم (35) لسنة
2011، قضى بتعديل بندين في قانون النقابات العمالية رقم (33) لسنة 2002،
وذلك تمهيداً لخلق منافس للتشكيل النقابي الحالي، وربما لترويض الحركة
العمالية وتحويلها إلى مؤسسة شكلية كما كانت اللجان العمالية السابقة.
المشكلة التي تواجه فكرة تحويل النقابات إلى مؤسسة شكلية هي أن هذه الخطوة
تفتح معركة مع حركة النقابات العالمية ومنظمة العمل الدولية، وهذه الجهات
النقابية لا يمكن كسرها أو شراؤها عبر الأساليب المخالفة للقانون والمخالفة
للاتفاقيات والضوابط الدولية.