يوم أمس الأربعاء (19 سبتمبر/ أيلول 2012) كانت البحرين على جدول أعمال
الدورة الحادية والعشرين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف،
فيما يتعلق بـ «الاستعراض الدوري الشامل». وكانت عدة بلدان قد جرى
استعراضها بين 21 مايو/ أيار و4 يونيو/ حزيران 2012، وهي: المغرب،
الإكوادور، تونس، البحرين، إندونيسيا، فنلندا، بريطانيا، الهند، البرازيل،
الفلبين، الجزائر، بولندا، هولندا، وجنوب إفريقيا. وعملاً بإجراءات
المراجعة الدورية، فإن مجلس حقوق الإنسان استعرض في دورته الحالية النتائج
النهائية للبلدان المذكورة، ويوم أمس كان دور ثلاثة بلدان، أحدها البحرين.
إذن ما هي المشكلة إذا كان استعراض الملف الحقوقي يتم بصورة دورية ولكل
البلدان، ولماذا كل هذه الضجة بشأن الملف الحقوقي البحريني؟ لماذا يصدر
بيان من أعلى مسئول في الولايات المتحدة الأميركية عن حقوق الإنسان (مايكل
بوسنر) قبل يوم من انعقاد جلسة البحرين، ويقول فيه إنه سيسافر خصيصاً
لإلقاء الكلمة الرسمية الأميركية عن الملف البحريني؟ ولماذا جلس بوسنر فقط
أثناء مناقشة البحرين، وبعدها خرج وسافر للالتقاء بنظيره الأوروبي في
بروكسل؟ لماذا كل هذا الاهتمام؟
لماذا تحدثت النمسا بلغة شديدة نوعاً ما أثناء مداخلتها وقالت إنها تمثل
في مداخلتها ثلاثة بلدان أوروبية أخرى؟ لماذا تحدثت بريطانيا في مداخلتها
بشكل مباشر وطالبت بمزيد من الإصلاحات الملموسة؟ لماذا كان الوفد الحكومي
والمرافق له أكبر وفد يحضر هذه المناقشات؟ لماذا أوفدت المعارضة وفداً شارك
في النقاشات بشكل واضح؟
لماذا تحدث وزير الخارجية بصورة أكثر انفتاحية في جنيف مما كنا سنسمعه
منه في البحرين؟ لماذا طالب بوسنر بإدماج جميع فئات المجتمع في قوات الأمن
البحرينية؟ ولماذا اقتصر الرد على أن هذه الفئات سيُقبل منها بضع مئات في
قسم يشبه قوات الأمن، ويسمى شرطة المجتمع؟ لماذا يمتلئ وفد الحكومة بلون
واحد تقريباً؟ ولماذا نرى العكس في وفد المعارضة؟ لماذا يتمكن وزير
الخارجية من أن يتحدث بهذه الطلاقة أمام جميع وفود العالم ويرد على
انتقادات المعارضة؟ ولماذا يتمكن وفد المعارضة من التحدث بهذا الشكل الصريح
فقط في محفل دولي وأمام مرأى ومسمع الجميع؟ لماذا لم نسمع مثل هذه
المداولات في البحرين؟ لماذا اختفى الحوار وأصبحنا نتحدث عن «رائحة الحوار»
التي تختفي عندما تقترب منها؟ لماذا هذه الضجة الكبيرة عن جلسة جنيف؟
هذه الأسئلة وغيرها تحتاج إلى إجابات عميقة جداً، وهذه الإجابات يجب أن
تبدأ بأن يحدّث كل طرف نفسه بها قبل أن يسعى لتسجيل نقطة ضد خصمه…
فالإجابة على مثل هذه الأسئلة تكشف لنا عن شيء يتجنب الكثير التعرف عليه،
والأخطر من ذلك أنهم يخشون معالجته.