حري بنا ان نتساءل…
هل من الضروري ان يشب حريق كبير في السوق الشعبي كي يفتح ملف هذا السوق،
وننعش آمال تطويره، وهل كان من الضروري ان تحدث كل هذه الاضرار في
الممتلكات بسبب الحريق حتى نكتشف أولا بان الجهات المسؤولة مقصرة في حق هذا
السوق وحق من يعتاشون منه من تجار صغار، وان هذه الجهات المسؤولة طيلة
السنوات الماضية لم تتكرم وتلتفت الى ان هذا السوق كان في حاجة حتى الى
الحد الادنى من التنظيم والى ابسط اجراءات الامن والسلامة، ونكتشف ثانيا
بانه ليس هناك من اخضع لاي مساءلة جراء هذا التقصير؟!
هل من الضروري ان يلقى عشرة عمال آسيويين مصرعهم اختناقا اثر حريق اندلع في
مسكنهم البائس حتى نفتح ملف سكن العمال، وان يلقى مواطن وعاملان اسيويان
مصرعهم في حفرة للصرف الصحي ويلحقهم عامل اسيوي سقط من رافعة من اعلى
البناية جثة هامدة، وقبل ذلك خمسة اشخاص من أسرة واحدة ذهبوا ضحية ماعرف بـ
«فاجعة القضيبية» حتى تكتشف الجهات المسؤولة بان هناك اوجه خلل وقصور في
الوسائل والاجراءات والنظم والآليات التي تحمي الناس من هكذا حوادث ولتعلن
عن اجراءات صارمة وتدابير لازمة للحد من هذه الحوادث؟!
وهل من الضروري ان يموت اعداد من شبابنا بمرض السكلر واحدا تلو الآخر، وان
نصدم في اكثر من مرة بعدد من الوفيات دفعة واحدة، حتى يدرك المعنيون باننا
امام مشكلة، وحتى يسوقّون لنا وعودا توهمنا بانهم يتصدون للمشكلة وانهم
باتوا في اتجاه تشكيل فريق عمل لاعداد خطة متكاملة لرعاية مرضى السكلر؟!
وهل من الضروري ان تثار كل هذه الهواجس حول سلامة اللحوم في الاسواق كي
تظهر جهة الاختصاص لتعلن بكل فخر انها ستضع خطة متكاملة بشأن الاشتراطات
الصحية في مجال توزيع اللحوم وضمان سلامتها؟!
وهل من الضروري ان يثار كل هذا اللغط المقرون بكم من علامات الاستفهام
والتعجب حول مناقصة مشروع تطوير حديقة المحرق الكبرى، وحول دوافع قيام
وزارة البلديات باعتماد مناقصة المشروع بقيمة 25.5 مليون دينار لصالح
مستثمر بحريني وتجاهل مناقصة مستثمر خليجي بقيمة 5 ملايين دينار، وهو الذي
لم يتردد في زيادة مساحة اللغط واثارة الشبهات حول هذه المناقصة حين انبرى
كاشفا بان العطاء المعتمد خيالي وغير واقعي ويستحال حدوثه، وان مساحة
المشروع وطبيعته الفنية لاتحتاج الى كل هذا المبلغ ثم يظهر الى الواجهة احد
اعضاء مجلس بلدي المحرق مرددا بان شبهات فساد ومخالفات صريحة للقانون تشوب
هذه المناقصة، هل من الضروري ان يحدث كل ذلك اللغط كي نخلص الى ان في
المسألة «إن»؟!
وهل من الضروري ان يكشف بان هيئة التأمين الاجتماعي شطبت اربعة ملايين
دينار من استثماراتها في محفظة مع بنك انفستكورب بذريعة افلاس الشركتين
اللتين تم استثمار اموال المحفظة فيهما، فيما الواقع يشير الى ان هاتين
الشركتين حققتا ارباحا في العامين 2011-2012، من دون نفي او توضيح من
الهيئة لنكتشف مرة اخرى بان في المسألة «إن»؟!
هل من الضروري ان نعاود ذات السيناريو، وذات ردود الافعال الهزلية في
القادم من الايام حين يصدر تقرير جديد لديوان الرقابة المالية والادارية
يكشف مجدداً كمّاً من التجاوزات والمخالفات والتعديات على المال العام،
ستكون كالعادة مضغة في كل فم ومادة للمزايدة والاثارة وبالذات من نواب
باشروا من الان بالتلويح باستجوابات ومساءلات في نمط دعائي عفا عليه الزمن،
حتى نكتشف مجددا باننا عدنا لننفخ يائسين في قربة مقطوعة، او اننا في
مباراة من مباريات الفرص الضائعة التي نحرز فيها الميدالية الذهبية بجدارة،
ولاداعي للتذكير بمآلات التقارير السابقة؟!
وهل من الضروري حيال ملفات عدة ان تتشكل كل هذه اللجان، لجان تحقيق، ولجان
تقص ولجان متابعة، ولجان فنية، ولجان فرعية لمعالجة بعض الامور، او محاسبة
مخطئين، او مساءلة فاسدين، آخرها لجنة التحقيق البرلماني في ملف تجاوزات
مستشفى الملك حمد لنكتشف في النهاية ان المحصلة خاوية وبان في المسألة
«إن»؟!
وهل.. وهل.. وهل؟!
هل من الضروري ان يحدث كل ذلك؟ ومعه ما لايكاد تخلو منه صحفنا هذه الايام
من اخبار وحوادث وقضايا المعني الحقيقي فيها بالغ السلبية لانراه يخفى على
ذوي الفطنة، وهو ان ثمة جهات لاتتحرك ولاتقوم بواجبها كما يجب الا اذا حدثت
مشكلة، وهو نهج لاتزال «تنعم» بافضاله وإرثه حتى الساعة جهات عديدة
استسلمت لحالة من السلبية لاينبغي الاستهانة بها، جعلتها في حالة استرخاء
تمادت فيها في ظل تهوين شديد لقيمة المساءلة والمحاسبة في ساحة العمل العام
تصل الى حد الازدراء بهذه القيمة.
بقي ان نقول، لايكفي ان يظهر لنا وزير او مسؤول في اي موقع كان ليحدثنا عن
خطط، وحشد الامكانات، ورصد الميزانيات، ووعود تطلق تلو وعود، حتى نرضى
ونطمئن الى اننا نمضي بالاتجاه السليم، لسبب بسيط جدا وهو ان المواطن يريد
انجازا يلمسه، لايكفي بذل الجهد وسلامة القصد، ونبل الهدف، لان العبرة
بالنتيجة، والنتيجة تعرفونها، فهي اما شديدة التواضع، او لاشيء على الاطلاق
وكأن هناك من يستثمر في الفشل ويعيد انتاجه ويراكم المشكلات ويجعلها اكثر
تعقيدا، حقا، هناك من هم مبدعون في الفشل، والطامة الكبرى اننا جميعا ندفع
الثمن..!!
هل من الضروري ان يشب حريق كبير في السوق الشعبي كي يفتح ملف هذا السوق،
وننعش آمال تطويره، وهل كان من الضروري ان تحدث كل هذه الاضرار في
الممتلكات بسبب الحريق حتى نكتشف أولا بان الجهات المسؤولة مقصرة في حق هذا
السوق وحق من يعتاشون منه من تجار صغار، وان هذه الجهات المسؤولة طيلة
السنوات الماضية لم تتكرم وتلتفت الى ان هذا السوق كان في حاجة حتى الى
الحد الادنى من التنظيم والى ابسط اجراءات الامن والسلامة، ونكتشف ثانيا
بانه ليس هناك من اخضع لاي مساءلة جراء هذا التقصير؟!
هل من الضروري ان يلقى عشرة عمال آسيويين مصرعهم اختناقا اثر حريق اندلع في
مسكنهم البائس حتى نفتح ملف سكن العمال، وان يلقى مواطن وعاملان اسيويان
مصرعهم في حفرة للصرف الصحي ويلحقهم عامل اسيوي سقط من رافعة من اعلى
البناية جثة هامدة، وقبل ذلك خمسة اشخاص من أسرة واحدة ذهبوا ضحية ماعرف بـ
«فاجعة القضيبية» حتى تكتشف الجهات المسؤولة بان هناك اوجه خلل وقصور في
الوسائل والاجراءات والنظم والآليات التي تحمي الناس من هكذا حوادث ولتعلن
عن اجراءات صارمة وتدابير لازمة للحد من هذه الحوادث؟!
وهل من الضروري ان يموت اعداد من شبابنا بمرض السكلر واحدا تلو الآخر، وان
نصدم في اكثر من مرة بعدد من الوفيات دفعة واحدة، حتى يدرك المعنيون باننا
امام مشكلة، وحتى يسوقّون لنا وعودا توهمنا بانهم يتصدون للمشكلة وانهم
باتوا في اتجاه تشكيل فريق عمل لاعداد خطة متكاملة لرعاية مرضى السكلر؟!
وهل من الضروري ان تثار كل هذه الهواجس حول سلامة اللحوم في الاسواق كي
تظهر جهة الاختصاص لتعلن بكل فخر انها ستضع خطة متكاملة بشأن الاشتراطات
الصحية في مجال توزيع اللحوم وضمان سلامتها؟!
وهل من الضروري ان يثار كل هذا اللغط المقرون بكم من علامات الاستفهام
والتعجب حول مناقصة مشروع تطوير حديقة المحرق الكبرى، وحول دوافع قيام
وزارة البلديات باعتماد مناقصة المشروع بقيمة 25.5 مليون دينار لصالح
مستثمر بحريني وتجاهل مناقصة مستثمر خليجي بقيمة 5 ملايين دينار، وهو الذي
لم يتردد في زيادة مساحة اللغط واثارة الشبهات حول هذه المناقصة حين انبرى
كاشفا بان العطاء المعتمد خيالي وغير واقعي ويستحال حدوثه، وان مساحة
المشروع وطبيعته الفنية لاتحتاج الى كل هذا المبلغ ثم يظهر الى الواجهة احد
اعضاء مجلس بلدي المحرق مرددا بان شبهات فساد ومخالفات صريحة للقانون تشوب
هذه المناقصة، هل من الضروري ان يحدث كل ذلك اللغط كي نخلص الى ان في
المسألة «إن»؟!
وهل من الضروري ان يكشف بان هيئة التأمين الاجتماعي شطبت اربعة ملايين
دينار من استثماراتها في محفظة مع بنك انفستكورب بذريعة افلاس الشركتين
اللتين تم استثمار اموال المحفظة فيهما، فيما الواقع يشير الى ان هاتين
الشركتين حققتا ارباحا في العامين 2011-2012، من دون نفي او توضيح من
الهيئة لنكتشف مرة اخرى بان في المسألة «إن»؟!
هل من الضروري ان نعاود ذات السيناريو، وذات ردود الافعال الهزلية في
القادم من الايام حين يصدر تقرير جديد لديوان الرقابة المالية والادارية
يكشف مجدداً كمّاً من التجاوزات والمخالفات والتعديات على المال العام،
ستكون كالعادة مضغة في كل فم ومادة للمزايدة والاثارة وبالذات من نواب
باشروا من الان بالتلويح باستجوابات ومساءلات في نمط دعائي عفا عليه الزمن،
حتى نكتشف مجددا باننا عدنا لننفخ يائسين في قربة مقطوعة، او اننا في
مباراة من مباريات الفرص الضائعة التي نحرز فيها الميدالية الذهبية بجدارة،
ولاداعي للتذكير بمآلات التقارير السابقة؟!
وهل من الضروري حيال ملفات عدة ان تتشكل كل هذه اللجان، لجان تحقيق، ولجان
تقص ولجان متابعة، ولجان فنية، ولجان فرعية لمعالجة بعض الامور، او محاسبة
مخطئين، او مساءلة فاسدين، آخرها لجنة التحقيق البرلماني في ملف تجاوزات
مستشفى الملك حمد لنكتشف في النهاية ان المحصلة خاوية وبان في المسألة
«إن»؟!
وهل.. وهل.. وهل؟!
هل من الضروري ان يحدث كل ذلك؟ ومعه ما لايكاد تخلو منه صحفنا هذه الايام
من اخبار وحوادث وقضايا المعني الحقيقي فيها بالغ السلبية لانراه يخفى على
ذوي الفطنة، وهو ان ثمة جهات لاتتحرك ولاتقوم بواجبها كما يجب الا اذا حدثت
مشكلة، وهو نهج لاتزال «تنعم» بافضاله وإرثه حتى الساعة جهات عديدة
استسلمت لحالة من السلبية لاينبغي الاستهانة بها، جعلتها في حالة استرخاء
تمادت فيها في ظل تهوين شديد لقيمة المساءلة والمحاسبة في ساحة العمل العام
تصل الى حد الازدراء بهذه القيمة.
بقي ان نقول، لايكفي ان يظهر لنا وزير او مسؤول في اي موقع كان ليحدثنا عن
خطط، وحشد الامكانات، ورصد الميزانيات، ووعود تطلق تلو وعود، حتى نرضى
ونطمئن الى اننا نمضي بالاتجاه السليم، لسبب بسيط جدا وهو ان المواطن يريد
انجازا يلمسه، لايكفي بذل الجهد وسلامة القصد، ونبل الهدف، لان العبرة
بالنتيجة، والنتيجة تعرفونها، فهي اما شديدة التواضع، او لاشيء على الاطلاق
وكأن هناك من يستثمر في الفشل ويعيد انتاجه ويراكم المشكلات ويجعلها اكثر
تعقيدا، حقا، هناك من هم مبدعون في الفشل، والطامة الكبرى اننا جميعا ندفع
الثمن..!!