المرء يمر في حياته بآلام كثيرة، وبعضها يشكل خطراً مباشراً على
الاستمرار في الحياة، ومن ضمن هذه الآلام الخطيرة تلك التي تصيب القلب.
أحياناً
لا يدري الإنسان أن لديه مشكلة قد تصل به إلى الإصابة بسكتة قلبية أو يقع
مغمى عليه من شدة الألم، وأحياناً تتدهور جودة الحياة تدريجياً وتتباطأ
حركته ويثقل جسمه مع ازدياد المشكلة التي يعاني منها قلبه.
بالنسبة
لي، فإنني بدأت أشعر بالتعب الشديد منذ العام الماضي، ولكنني لم أتوقع أن
تكون لديّ مشكلة في القلب، والمفاجأة كانت عندما أجريت اختباراً لتخطيط
القلب أثناء الإجهاد في يونيو/ حزيران الماضي (2012) وبدا أن المؤشرات ليست
جيدة، إذ أكدت الاختبارات التي أجريت لي في مجمع السلمانية الطبي وفي مركز
محمد بن خليفة آل خليفة التخصصي للقلب بالمستشفى العسكري أن هناك انسدادات
في الشرايين المحيطة بالقلب لا تستطيع عملية القسطرة فتحها وأن الحاجة
ملحة لعملية جراحية مباشرة.
الصدمة التي تواجه أي شخص لا يمكن شرحها،
وهي من النوع الذي لا تفهمه جيداً إلا حين تدخل التجربة الفعلية، وذلك لأن
الأمر يتعلق بجزء مهم من جسمك تعتمد عليه حياتك. وحياتك الآن أصبحت تعتمد
(بعد الله سبحانه وتعالى) على مهارة الجراحين والطواقم الطبية
والتمريضية… وتبدأ هنا علاقة خاصة بين المريض ومن يتولون علاجه، إذ إنك
تسلم بقدراتهم وكفاءتهم وتؤمن بأنهم يستطيعون تنفيذ المهمة، وتتحمل كل
الآلام التي تمر بها لأنهم يخبرونك بطبيعة وضعك وكيف ستتم معالجتك وكيف
ستتعافى، وكيف سيقومون بـ «إدارة الآلام» على مدى الأيام والأسابيع والأشهر
المقبلة.
بعد أن ترى كل شيء أمام عينيك، فإن عليك أن تجيب على أسئلة
محددة: هل تثق بالتشخيص؟ وهل تثق بخبرات وقدرات الجراحين والطواقم الطبية
والتمريضية والإمكانات الداعمة لها؟ بالنسبة لي، فإن ثقتي كانت ومازالت
عالية جداً بجميع القدرات المؤهلة على مستوى عالمي، ولم تكن لديّ مشكلة في
قبول خطة العلاج والمضي قدماً والتحرك بسرعة لمعالجة الآلام من أجل الشفاء
منها.
الآلام التي تصيب الجسم بعد إجراء العملية شديدة جداً، ولكن ما
كنت أشعر به كألم شديد كان الأخصائيون المشرفون على العلاج يرونه علامة
على نجاح العملية، وأن الأمور تسير على ما يرام، وأن المسألة لديهم تتلخص
في المضي قدماً في تنفيذ خطة «إدارة الآلام» للخروج منها بصحة أفضل… وأن
الوقت الذي يتوقعونه للعودة تدريجياً للنشاط الحياتي الاعتيادي سيكون بعد
ستة أسابيع على الأقل.
الآن وقد مضت نحو ستة أسابيع على إجراء
العملية، فإنني أعود تدريجياً للكتابة، وأتقدم – مرة أخرى – بالشكر للقيادة
السياسية التي اطمأنت على وضعي، والشكر لجميع من سأل عني، ولا بد أن أشكر
بشكل خاص الطواقم الطبية والتمريضية، وعلى رأسهم مدير مركز العناية بالقلب
الدكتور ريسان البدران، والجراح القدير الدكتور حبيب طريف، واستشاري
التخدير الدكتور نزار بوكمال، واستشاري أمراض القلب الدكتور حسام نور،
واستشاري أمراض القلب الدكتور راشد البناي، وجميع الطواقم الطبية
والتمريضية بوحدة العناية بالقلب والمستشفى العسكري ومجمع السلمانية
الطبي… إليهم وإلى كل من سأل عني أشكرهم جميعاً.
وإن كانت لي
أمنية، فإنني أتمنى أن نستفيد من أنموذج هذه القدرات الفائقة في «إدارة
الآلام» في جسم الإنسان (بعد جراحة القلب) إلى ما يمكِّننا من إدارة آلام
بلادنا التي تحتاج إلى دورة علاج حقيقية وواضحة من أجل أن يتعافى الوطن،
تماماً كما هو الحال مع جسم الإنسان.
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية