لقد أفرزت الأزمة السياسية في البحرين والتي مر عليها ما يقارب من
الثمانية عشر شهراً الكثير من الظواهر السلبية، ومنها بروز فئة من الفاسقين
والذين يعمل الكثير منهم كـ «بطاقات مدفوعة الأجر» ويتمثل دورهم في نشر
الكراهية والفتنة بين مكونات الشعب البحريني مقابل مناصب أو عطايا (شرهات)
وخطوات وغيرها وهذه الفئة هي التي أنزل الله سبحانه وتعالى بشأنها الآية
الكريمة على الرسول الأعظم (ص) «إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا
قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين».
لقد أوجدت مع الأسف
الأزمة السياسية والاحتقان القائم في البحرين مناخاً إيجابياً وبيئة خاصة
لمروّجي الفتن والكذب، وهم كثر ولكنهم والعياذ بالله كغثاء السيل! ويمكن
تقسيمهم إلى أنماط ونماذج عديدة ويمكن للمواطن الحصيف أن يتعرف عليهم من
خطاباتهم وكتاباتهم وحواراتهم في المجالس وفي التجمعات أو الساحات ويمكن
تقسيمهم إلى نماذج عديدة:-
النموذج الأول:
الدعاة والخطباء:
هناك العديد من الدعاة والخطباء التي تنطبق عليهم الآية الكريمة التي
ذكرناها في صدر مقالنا، فهم إن حدّثوا كذبوا حيث يستغلون المنابر الدينية
في التحريض والتشهير وكراهية الشارع الآخر، ولكن دون أن يقدموا الحلول
للخروج من الأزمة السياسية أو الاحتقان الطائفي الذي يعصف بالبحرين، وأن
جئتهم بالنصيحة وطلبت منهم أن يوجهوا المسلمين إلى التعايش السلمي والتراحم
والمودة اقتداءً بالرسول الأعظم (ص) يقولون لك أنت غير واقعي وعليك أن
تتخندق مع طائفتك، وأن علينا أن نحمي طائفتنا ونحصّنها وإلى آخره من الكلام
الذي لا يؤدي إلا حتماً إلى شق الصف ونشر التشرذم وضرب الوحدة الوطنية.
النموذج الثاني:
السياسيون:
لقد نصّب مع الأسف بعض الأشخاص أنفسهم زعماء سياسيين في ليلة وضحاها
وأصبحوا يطلقون التصريحات النارية شرقاً وغرباً، ويعملون على التحريض
والكراهية من أجل تحقيق مطالب شخصية أو حزبية آنية أما الوطن فهو آخر ما
يهمّهم أو يفكرون فيه، ويعتقدون بأن كل ما ارتفعت أصواتهم وصراخهم كنعيق
البوم سيدفع لهم الكثير من العطايا (الشرهات) ونجدهم يجوبون المجالس
والساحات غير القانونية، وتجد معظمهم يحمل تاريخاً مظلماً في الاعتداء على
حقوق الناس والمال العام وأصبحوا فجأة قادة أو أصحاب حظوة عن طريق نهب
المال العام ولا يملك هؤلاء الأشخاص «لزوم المرحلة» أي نقطة حياء في جبينهم
لأن من أكل أموال المسلمين بالباطل لن يتردد في أن يكون فاسقاً!
النموذج
الثالث: أصحاب المجالس: لقد تبنى بعض أصحاب المجالس مع الأسف الشديد نهجاً
سيئاً في التعاطي مع الأزمة السياسية والطائفية في البحرين، فسخّر البعض
مجلسه للفاسقين والمحرّضين لنشر الفتنة في البلاد ونشر الكراهية بين العباد
فنجد صاحب هذا النوع من المجالس يجلب دعاة وكتّاب وقادة سياسيين ينشرون
أفكاراً تهدد بل تضرب السلم الأهلي والتعايش السلمي، ويفاخر أصحاب هذا
النوع من المجالس بأن مجلسه هو الذي ساهم في حشد هذا الشارع ضد الشارع
المقابل وأن مجلسه يرفض الحوار الوطني ومن يدخل الحوار فهو خائن ويفاخر بأن
من مجلسه تنطلق اتهامات الخيانة والتبعية للخارج وغيرها للطرف الآخر.
النموذج
الرابع: الكتّاب والصحافيين: هناك بعض كتاب الأعمدة والصحافيين في صحفنا
المحلية، من أفرزتهم الأزمة وأصبحوا والعياذ بالله كالفطر المسموم ويعرفهم
القاصي والداني بأن جرعة كتاباتهم المسمومة ترتفع وتنخفض حسب قيمة البطاقة
المدفوعة الأجر التي يستلمونها وأصبحوا منظّرين وفقهاء في السياسة وهم في
حقيقة الأمر مجموعة طفيليين ومتسلقين على حساب الأعراف والتقاليد الصحافية،
وأنا أطلقت عليهم كتّاب وصحافيين «لزوم المرحلة» ومتى ما بدأ الحوار
الوطني فسيطلب منهم أن يغيّروا بوصلة أقلامهم لتأييد الحوار الوطني وبالطبع
سيدفع لهم مقابل تغيير قناعاتهم وقيمة حبر أقلامهم؟! وإذا رفضوا ذلك
سيجدون أنفسهم على الرفّ أو داخل «البقشة» وهي عبارة قطعة قماش تضع فيه
جداتنا الأغراض التي لا يحتاجونها ويضعونها إما في «الروشنة» أو فوق
«المرفاعة»، والمرفاعة هي مصير هؤلاء الكتّاب والصحافيين وإن لناظره قريب.
وبالإضافة
إلى ما سبق ذكره هناك نماذج أخرى مثل بعض النواب والشوريين والبلديين ومن
يطلق عليهم في هذا الزمن الرديء ناشطون سياسيون، سنتناول دورهم التحريضي في
مقال آخر، ودورهم بالمناسبة لا يقل بل هو مكمل للأدوار التحريضية المشبوهة
التي تقوم بها النماذج التي استعرضناها.
وهنا نناشد الشعب البحريني
الأصيل ومن منطلق الوطنية وحرصنا على التعايش السلمي بين مكونات الشعب
البحريني، أن يستخدموا بصيرتهم لا آذانهم عند الاستماع إلى مثل هؤلاء، وأن
يتمعنوا جيداً فيما يسمعون ويقرأون، فالتخريب سهل ولكن البناء صعب، كما
نناشد الشعب البحريني بأن يستمع جيداً للناصحين الذين قلبهم على الديرة
وأهلها ويهمّهم أن يروا البحرين متعافية وفي أبهى حللها، ونقول للشعب
البحريني قفوا بجانبهم ووسّعوا دروبهم، امنحوهم الدعم والفرصة لكي ينزعوا
فتيل الأزمة في البحرين… فمن يرفع الشراع؟!
عيسى سيار
صحيفة الوسط البحرينية