من حقّي وحق كل مواطن أن يطالب في العيد وغير العيد بالكثير من الأمور،
فنستطيع على سبيل المثال المطالبة برفع سقف الأجور، والمطالبة بعدم
التمييز، والمطالبة بتحسين الوضع المعيشي، والمطالبة بزيادة الرقعة الخضراء
كذلك، والمطالبة بإدانة العنف ونبذ الطائفية أيضاً، والمطالبة بوقف العنف
والعنف المضاد…إلخ من المطالب!
ما دامت هذه المطالب سلمية فإنّها
بالتأكيد ستصل إلى الغرض الحقيقي منها، وإن كانت هناك مطالب غير مرغوبة
ومنبوذة من قبل المجتمع، فإنّ حتمية استمرارها منتهية، كتلك التي تدعو إلى
الطائفية.
إن المجتمع البحريني وعى جيّداً ما يدور حوله، وننتظر في
هذا العيد أن تنتهي أزماتنا كما انتهت مثيلاتها، بتطبيق العدالة
الاجتماعية، التي هي أساس انتهاء الأزمات، والتي تُعد أفضل الحلول بالنسبة
للجميع.
طاولة واحدة، تمثّل الشعب، سواء من المعارضة أو من الموالاة
أو من الحكومة، ونضع فيها شروط حقيقية تبنى عليها أسس المصالحة، ومن ثمّ
يبدأ الحوار، الذي «كره» النّاس مصطلحه، لأنّه أصبح شحيحاً لا قدر له ولا
مكانة، في ظل العصف الذي يحدث من حولنا، وحالات الاستنفار المصوّبة من كل
قطر.
لا نريد أملاً بل نريد تطبيقاً يخرجنا من استمرارية الأزمات،
ولا نريد كلاماً بل فعلاً يغيّر حالنا إلى الأفضل، فلقد قيل عن شعبنا -شعب
البحرين- الكثير، ونحن أعلى من ذلك، تعالينا عمّا قيل عنّا، فنحن كنّا وما
زلنا أهل شقاء قبل أن نكون أهل نعمة، حرثنا الأرض بسواعدنا، وبنينا البحرين
بعرقنا وتعبنا من دون الاستعانة بالعمالة الآسيوية إبان الخمسينيات
والستّينيات والسبعينيات.
ولكن خرجت أجيال الثمانينيات والتسعينيات
والألفية بصورة جديدة عن البحرين، فلقد حُرموا البناء الذاتي، عندما
استعنّا بالبناء الأجنبي، وحرموا من الرقعة الخضراء، بعد أن قتلنا المليون
نخلة واستبدلناها بمشاريع نمّت بعض الاقتصاد ولكنّها دمّرت الأرض، وكذلك
حُرموا من حقّهم في المواطنة الحقيقية.
لا جَرَمَ أن الواجبات ثقيلة
وكثيرة على أبنائنا، فوجب عليهم التعايش مع كل ما ذكر آنفاً، من دون
الاحتجاج والتصدّي للموجات الفاسدة والسلبية، وبالتالي خلقنا جيلاً ضعيفاً،
لا هدف له ولا معنى إلاّ خلف شاشات الكمبيوتر!
واجبنا في بعض
الأحيان يحتّم علينا المطالبة، وكشف الفساد، ولم الشمل، وتحرير العقول من
الخوف من الآخر، وتغيير الفكر المسيّس عن نظرية المؤامرة، فالوطن يحتاج
منّا كل هذه المطالب، فهل من حقّنا المطالبة؟!
نعم… من حقّنا ومن
واجبنا المطالبة والشروع لتأكيد أهمّية المطالبة، فهي الحرّية التي تجعلنا
نحلم ونعيش بشراً لنا كرامتنا ولنا هويّتنا ولنا أرضنا! وخلاصة العيد بأنّ
كل يوم هو عيد عندما نطالب، فهو دليل على إنّنا أحرار، نوجّه أهدافنا
بالطريقة المشروعة والصحيحة لذلك، وتسير الدنيا وتتغيّر الأشخاص، وتبقى
المطالب للجميع.
مريم الشروقي
صحيفة الوسط البحرينية