مع حلول عيد الفطر المبارك يتبادل الأهل والأصدقاء التهاني، ولكن هذا العام كان مختلفاً.. كالعيد الذي كان قبله.
الكثير من «مسجات» المعايدة بين الناس غلفها الحزن وجاءت باهتة ودون روح.
بالطبع
لا يمكن لنا أن نشعر بالفرح وهناك أم ثكلى، وأب يكفكف دموع الحزن على ابنه
الفقيد الذي لم يتجاوز الـ 16 عاماً من عمره قدماه قرباناً إلى الله في حب
البحرين، هكذا قالت الأم المكلومة وهي تودع ابنها الصغير إلى مثواه الأخير
«اللهم تقبل منا هذا القربان».
إنه قربانٌ يقدمه الشعب البحريني في
عيد الفطر المبارك، كما قدم في عيد الفطر من السنة الماضية قرباناً آخر لا
يتجاوز عمره الـ 14عاماً.
رغم جميع المحن التي عانت منها البحرين
طوال السبعة عشر شهراً الماضية من سقوط قتلى وجرحى واعتقالات وتسريح موظفين
من أعمالهم وفصل طلبة من جامعاتهم، ومحاكمات طالت الأطباء وأساتذة
الجامعات والعديد من فئات المجتمع، وخنق القرى بالغازات المسيلة للدموع
والتي راح ضحيتها عدد من المواطنين، تبقى قضية الانتهاكات التي مورست ضد
الأطفال أكثر ما يوجع القلب، ويحزن النفس.
ما لا يمكن تقبله إنسانياً
وأخلاقياً، هو سقوط أحد الأطفال الأبرياء، نتيجة إصرار البعض على رفض أية
مبادرة للحوار والمصالحة الوطنية، وإصرارهم على تغليب الحل الأمني كحل أوحد
للأزمة التي لا تزال تحصد من أرواح أبناء الوطن يوماً بعد آخر، وما الطفل
حسام الحداد ذو الستة عشر ربيعاً والذي سقط قتيلاً واخترقت شظايا الرصاص
الانشطاري أجزاء جسده الرقيق، إلا نتيجة محتمة لفرض هذا الحل.
قضية الطفل حسام الحداد ما هي إلى واحدة من مئات القضايا التي انتهكت فيها براءة الطفولة وقضت على أحلامها.
لجنة
الرصد بجمعية الوفاق سجلت تعرض أكثر من 250 طفلاً كعينة من الحالات
العديدة التي وصلتها والتي بينت تعرض الأطفال لمختلف أنواع الانتهاكات،
منها وفاة 4 أطفال هم أحمد شمس (15 عاماً) والذي أصيب في 30 مارس/ آذار
2011 بطلق ناري في وجهه حين كان يلعب مع بعض أصدقائه أمام منزل جده في قرية
سار، وأحمد القطان ( 16 عاماً) والذي أصيب بطلقات الشوزن في 6 أكتوبر/
تشرين الثاني 2011 خلال احتجاجات في منطقة أبوصيبع وصرحت وزارة الداخلية
بعدها بأن حجم طلقات الشوزن غير مطابق للحجم الذي تستخدمه قوات الأمن، وعلي
جواد الشيخ ( 14 عاماً) الذي قتل في 30 سبتمبر/ أيلول2011 «أول أيام عيد
الفطر المبارك» في جزيرة سترة بطلق ناري في الوجه، وعلي بداح (16 عاماً)
والذي دهسته سيارة للأمن العام في منطقة الجفير في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني
2011. جميع هؤلاء لم يعرف قاتلهم لحد الآن.
اللجنة وثقت أيضاً
اعتقال أكثر من 130 طفلاً، لا يزال 90 طفلاً منهم تحت السن القانونية رهن
الاحتجاز الآن، بالإضافة إلى جرح أكثر من 20 طفلاً تعرضوا للإصابة المباشرة
بسبب التعامل الأمني معهم، وكذلك حرمان أكثر من 45 طفلاً من العلاج.
كما
رصدت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان حالات التعرض للأطفال والأحداث من
بينها «حالات اختناق ووفاة ناجمة عن استخدام الغازات الخانقة، وحالات
اعتقال واحتجاز».
الأطفال أحباب الله، وأعز ما هو موجود على الأرض،
وضياع أي منهم يخلق غصة لا يمكن أن تنسى، كيف وقد فُقد أحدهم قبل يوم واحد
فقط من العيد، عذراً.. لا يمكنني تسميته عيداً.
جميل المحاري
صحيفة الوسط البحرينية