المنشور

الأرضية الصالحة لبدء الحوار الوطني

مع أنه لا توجد حتى الآن أي مؤشرات جدية تنبئ ببدء حوار حقيقي يخرج
البحرين من الأزمة الدائرة، باستثناء اجتماعات وزير العدل مع عدد من
الجمعيات السياسية والتي لم يتم التأكيد فيها على النية في البدء بالحوار،
إلا أن ما أراه فعلياً هو عدم الجدية في تهيئة الأرضية الصالحة لأي حوار
مقبل خلال الفترة المقبلة.

كان من المفترض وقبل الحديث عن أي حوار
يجمع كل أطياف المجتمع أن تتخذ الحكومة خطوات عملية في سبيل تنفيذ جميع
التوصيات التي أصدرتها اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، أو أن تقوم على أقل
تقدير بوضع إطار زمني وآلية لتنفيذ هذه التوصيات وأهمها أن «تقوم الحكومة
بصورة عاجلة وأن تطبق بشكل قوي برنامجاً لاستيعاب أفراد من جميع الطوائف في
قوى الأمن، وأن تعمل على وقف التمييز، وضرورة إعداد برنامج للمصالحة
الوطنية يتناول مظالم المجموعات التي تعتقد أنها تعاني من الحرمان من
المساواة في الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية». في حين أن ما نراه
حتى هذه اللحظة يشي بعكس ذلك تماماً.

فحتى الآن لم تنفذ الحكومة حتى
أبسط التوصيات التي تتصل بإرجاع جميع المفصولين إلى أعمالهم، فكيف بالحديث
عن إطلاق سراح المعتقلين السياسيين المتهمين بقضايا تتعلق بحرية الرأي
والتعبير، أو السماح للمعارضة باستخدام أكبر للبث التلفزيوني والإذاعي
والإعلام المقروء، أو محاسبة المسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، بمن فيهم
المتسببون بموت المعتقلين بسبب التعذيب، ووقف استخدام القوة المفرطة من
قبل قوات الأمن في التعاطي مع الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.

كما
كان من المفترض أن يسبق أي حوار هادف يراد منه مصلحة جميع مكونات المجتمع
البحريني أن تبدأ خطوات على طريق المصالحة الوطنية الشائك، وأولى هذه
الخطوات وقف خطاب التخوين والعمالة للخارج في الإعلام الرسمي وشبه الرسمي،
ولا حاجة لأحد في التبجح بحرية الرأي والتعبير، فلم يعتبر التخوين والشتم
بأقذع الصفات والألفاظ وبث روح الكراهية والفرقة أسلوباً من أساليب حرية
الرأي في أي يوم من الأيام.

ليس من المفهوم كيف يمكن لأي حوار أن
يكون منتجاً وناجحاً إن كان من يحاورك يرى فيك خائناً لوطنه مكانك السجن
وليس طاولة الحوار، وكيف يمكن الوصول إلى توافق وطني حين يرى فيك الآخر
عميلاً لدولة أجنبية تتلقى أوامرك منها.

حتى نصل إلى حل سياسي يخرج
البحرين من دائرة العنف والعنف المضاد لابد أن يعترف كل منا بحق الآخر في
العيش بكرامة وحرية ومساواة، وأن يحترم خياراته، ويرى فيه أخاً ومواطناً،
لا عدواً وخائناً.

جميل المحاري


صحيفة الوسط البحرينية