وشركائنا في البلد، وغير متوقع منهم أن يقفوا ضد إخوانهم وضد مطالبنا
جميعاً، ولكن ليس هناك من مبرر لاستدامة القطيعة وتبادل الكره والحقد والغل
بيننا. كل البشر معرض للخطأ فكما أخطأنا أخطأوا، ولننسى الماضي بفتح صفحة
جديدة بيضاء، ونمحي الحقد من قلوبنا ضد بعضنا البعض.
شعب البحرين على
مدى القرون كان أسرة واحدة بعد التزاوج والتراحم بين الطائفتين الكريمتين،
ومتعاون في المصائب – غرق طائرة طيران الخليج نموذجاً – لذا دعوة صادقة
لإرجاع صدى مواقف الأمجاد واسترجاع ذكريات الماضي.
الكل متفق على
مطالب الشعب والذي يجمعنا أكثر مما يفرقنا، فليس هناك ما يدعو التشتت
والفرقة ونخسر كل ما بنيناه على مدى العصور. والبشر معرض للخطأ لاسيما في
المواقف السياسية، ولكن السياسي المخضرم هو من يعدل عن مواقفه إذا ما لحظ
أن اختياره السياسي على خطأ، وليس في صالح العامة، ولنا أدلة عديدة من
السياسيين الدوليين، فعلى سبيل المثال نرى السياسيين اللبنانيين المخضرمين
(ميشيل عون ووليد جنبلاط)، مرة مع المعارضة وتلو ضدها، خاصة إذا ما ارتأى،
أنه فقد جادة الطريق وأن مواقفهما تهدد السلم الأهلي إذا ما عدل عنهما، أو
عندما يشهدان كيان البلد في خطر حينما تتداخل المصالح على الصعيد الدولي.
أيضاً
نحن مطالبون بمراجعة الذات والنظر ببصيرة بعيدة المدى، لاسيما أن شعبنا
يشتهر بحسن المعاملة وبطيبة القلب، والذي بالطبع يترافق مع التسامح والتآخي
والود بين الناس. فلماذا لا نترجمها إلى أفعال في الحب بيننا وزيادة أواصر
الترابط الأسري، وخاصة أننا يجمعنا دين واحد ونبي واحد ولغة واحدة ووطن
واحد.
نعلم أيضاً أن هناك من المؤزمين ومثيري الفتنة من الكتبة ورجال
الدين! ولكن مُطَالب من كل مواطن أن يضع مصلحة البلد فوق كل الخلافات، وأن
يستخدم بصيرته وعقله في الخير والصالح العام، وهنا ترجع بنا الذاكرة أن
أحد الإخوان قد انسحب من المسجد الذي كان يؤمه أحد المشايخ الذي كان يزدري
من طائفة بألفاظ نابية، ويخون شركاءه ويصفهم بالنعوت غير الأخلاقية ويبعث
سموم الحقد بين أبناء الوطن، ويلفق التهم الجزاف من غير رادع ديني أو
أخلاقي. حقيقة هذه العقول والنفوس التي يحتاجها البلد في هذه الفترة
الحرجة. مع إقفال هذا المقال، ونحن في هذا الشهر الكريم، بحاجة لمراجعة
الخيارات بمحاسبة النفوس وتنظيفها من السموم (الكره) ، ولا يجب أن نسمح
لأحد باستلاب تفكيرنا وعقولنا، بعد أن اتضحت لنا جميعاً الصورة الحقيقية،
واستنتجنا من يعمل ضدنا ومن يعمل لصالحنا، فيجب أن تكون خياراتنا مبنية على
مصالح الناس، وليس ضد مطالب الشعب، وكذلك المطلوب مجابهة كل ما يغوينا
بالحجج والبراهين وعدم الانصياع لسياسات تفتت الناس إلى ملل أو أيديولوجيات
تُخوِن المواطنين، وتزرع الحقد بينهم، بينما العمل على التحالف بين أبناء
الشعب للوصول إلى مطالبه الحقيقية.
أحمد العنيسي
صحيفة الوسط البحرينية