المنشور

الإصلاح قضية وطنية وليست طائفية




في مقالة قيمة له، شأنها شأن مقالاته الأخرى، نشرت منذ يومين، طرح الأخ
الدكتور محمد عيسى الكويتي رؤية تجمع الوحدة الوطنية لحل الأزمة السياسية في
البلاد، استنادا إلى الوثائق التي أقرها المؤتمر الأخير للتجمع، ورغم أنه كتب
الكثير حول ما ورد في وثائق مؤتمر التجمع المشار إليه، لكني وددت الانطلاق مما
عرضه الدكتور محمد الكويتي، كونه أحد وجوه التجمع القيادية، وكونه شخصية وطنية
ساهمت في الجهود التي بذلت وتبذل من أجل إخراج البلد من الأزمة، سواء في نشاطاته
أو في كتاباته الهادفة المفعمة بروح المسؤولية، على خلاف الكثير من الأنشطة
والكتابات المليئة بنفس التأزيم الذي، من خلاله، يريد أصحابه تبرير مواقفهم
المشينة، وإبقاء البلد في مناخ التقابل بين مكوناته، وتكريس القطيعة.

يمسك كاتب المقال بالنقطة الجوهرية التي يطرحها التقرير السياسي لتجمع
الوحدة الوطنية من انه لا يوجد مستقبل للعنف أو الحلول الأمنية أو رفض الحوار، بل
أن الحل يكمن في ضرورة طرح مبادرة سياسية لحل الأزمة، مؤكدا أن مستقبل البلاد هو
مسؤولية مشتركة لا تحتكرها جهة، ولا تأتي إلا من خلال حوار وطني ، كما يستند إلى
قناعة بان الإصلاح السياسي هو مطلب وطني لجميع فئات المجتمع ، وهو القاعدة للإصلاح
في جميع مناحي الحياة، وأن المواطنة هي حقوق وواجبات ومشاركة والتزام بثوابت
المجتمع الدستورية، ويقر بأن الاستقرار والأمن يقومان على الحرية والعدالة
والمساواة، وأن الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة هي مطلب شعبي جامع يؤسس على
القاعدة الدستورية:”الشعب صدر السلطات”، وأن المواطن الحر الموفور
الكرامة هو أساس بناء هذه الدولة.

ان جوهر هذه الرؤية التي بسطها مقال الدكتور الكويتي يمكن إذا ما جرى
تفعيلها، كما نتمنى أن تشكل قاعدة لقاء تجمع دعاة الاصلاح من قوى وشخصيات في هذا
البلد من منطلق أن الاصلاح وتطوير النظام السياسي هي قضية وطنية وليست فئوية
وستكون خطيئة قاتلة لنا جميعاً إن قسمنا البحرينيين بطريقة نظهر بها أن
بعضهم يريد الإصلاح، وبعضهم الآخر لا يريده، وفي عنقنا جميعاً مسؤولية إظهار أن
الإصلاح السياسي والدستوري والتوزيع العادل للثروات هي قضية البحرينيين جميعاً،
سنة وشيعة، ويجب ألا نسمح للنوازع الطائفية أن تشوه الوعي الوطني في هذا البلد.

وحسبنا هنا أن نتذكر أسماء العديد من
الشخصيات الوطنية، المتحدرة من مختلف الطوائف والأعراق في هذا المجتمع التي نذرت
حياتها للنضال الوطني، لندرك أن القضية لم تكن ولا يجب أن تكون قضية طائفة أو فئة.

لدى البحرينيين تاريخ ممتد من النضال في
سبيل الحقوق السياسية، ونجحت الحركة الوطنية منذ خمسينات القرن الماضي، وعلى مدار
عقود، في أن تعبئ الشعب، في إطار وطني شامل من أجل الاستقلال والحرية وإطلاق
الحريات العامة والمشاركة السياسية.

جوهر القضية في البحرين هو جوهر وطني
بامتياز، فليس طلب الإصلاح والعدالة الاجتماعية أمراً خاصاً بطائفة بعينها. كل
البحرينيين يتطلعون إلى أن يروا في بلادهم مقادير أكبر من المشاركة السياسية ومن
الحريات الديمقراطية ومن العدالة في توزيع الثروات، وخطيئة لا تغتفر أن يجري تزييف
مطالب الإصلاح بإضفاء الطابع المذهبي عليها، والهروب من خيار الإصلاح المستحق بدفع
الأمور نحو الاصطفافات الطائفية.