حظي المنبر التقدمي في عددين متتاليين بشرف وضع اسمه في الصفحة الأولى لصحيفة الأيام بخبر مفاده ( بأن عددا كبيرا من اعضاء الجمعية قدموا استقالاتهم بعد تشكيل مكتب سياسي غير متوافق عليه برئاسة النائب السابق عبدالنبي سلمان.) ، وتتفنن الصحيفة في تحليل الخبر لأسباب معروفة و بتعمد واضح يخلط ما بين من قدم استقالته خلال أحداث 14 فبراير وتلك الاستقالات التي جاءت على خلفية المؤتمر العام السادس .
وتنشر ذات الصحيفة ( عملا بحرية الرأي الذي يتوافق مع سياستها ) مقالات تصب في ذات الاتجاه مثل (المنــبر التقدمي أو المنــبر الريديــكالي ) وفي مقال أخر بعنوان ( أحييك علي البنعلي.. لأنهم رفضوك!! ) يسن كاتبه وفي أكثر من مقالات سابقة قلمه الذي لم يجف حبره بعد ، للنيل من مكانة المنبر التقدمي واصفا إياه بالطائفية وبغيرها من الأوصاف التي تفتقر للدقة والصدقية في وقت كان فيه هذا الكاتب رفيقا من أولئك اللذين هجروا وتركوا نشاط وفعاليات التقدمي قبل أحداث 14 فبراير بزمن طويل لأسباب ذاتية هو يعرفها .
وفي ذلك نقول بكلمة واضحة وبصوت مرتفع أن المنبر التقدمي منذ تأسيسه وحتى اليوم لم يكن فوق النقد ، سواء النقد الذي يأتي من رفاقه ، أو من أصدقاءه ومحبيه ، أو من أولئك اللذين هجروه ، غير أن هذا النقد حتى يكون موضوعيا فان شرطه أن يكون مبنيا على أساس من البينة لا على الافتراض والتخيل أو على شهادة سماعية منقولة ، نقد يهدف أول ما يهدف لتعزيز وحدة التقدمي الداخلية وصون خطه الكفاحي .
لقد احتوت هذه المقالات وغيرها على العديد من الفهم الخاطئ للخلاف داخل المنبر التقدمي وشابها كثيرا من المبالغة والغلو ، فليس في المنبر التقدمي – كما يدرك ويعلم رفاقنا المستقيلين أنفسهم - قوتين بل قوة واحدة كان يجب أن يحكمها النظام الأساسي والبرنامج السياسي اللذين أقرتهما أعلى هيئة في المنبر لتقدمي ، هي المؤتمر العام ، تختلف أراء أعضاءه وتعدد من مجمل القضايا والملفات الوطنية ، ومن تحالفاته مع غيره من القوى السياسية لكنه من المبالغة القول بأن ( المنبر التقدمي أصيب بداء الطائفية حتى ضرب العظم والنخاع ) أو أن ( قوى راديكالية متطرفة- حديثة الوجود- تحاول بيع الأعضاء وتصفية الموجودات لجمعية الوفاق!)
ومن المفارقة التي تكشف عن عدم دقة المعلومات التي استقاها كاتب مقال (المنــبر التقدمي أو المنــبر الريديــكالي ) ما سطره في مقاله من قول ( بأنه تم إقصاء الدكتور حسن مدن من قيادة المنبر ) ، ويكفي أن نشير إلى انه لو كان نظامنا الأساسي يسمح بترشح الدكتور حسن مدن لدورة ثالثة لحصل على تأييد واسع من أعضاء المنبر ، لما يمتاز به من شخصية وطنية مرموقة .
ويواصل كاتب المقال المذكور تصوراته الخاطئة لنضال المنبر وتحالفته فيقول ( فمع ما كان يتمتع به الرئيس السابق للمنبر الدكتور حسن مدن من خبرة وتاريخ وأخلاق إلا أن الخجل والحياء هو الذي دفع به إلى تبني سياسة الوفاق الصدامية ) ، بل يمتد هذا التصور إلى عبد النبي سلمان الأمين العام الجديد للمنبر ، فهو في الوقت الذي يؤكد معرفته (ببعد عبدالنبي سلمان عن الطرح الطائفي إلا أن البعض يرى فيه امتداد لفكر جمعية الوفاق، وأنه سيصبح في أيديهم بدل الدكتور حسن مدن ) .
هكذا يختزل الكاتب المحترم سياسية المنبر التحالفية في الدكتور حسن مدن ، وفي عبدالنبي سلمان ، وينال من شخصيتهما النضالية ، ويكفي ان نرد عليه بأن شخصية مثل الدكتور حسن مدن الذي تمرس في النضال منذ أن كان شابا وظلت وما زالت روحه متوقدة حاضرة للمنبر التقدمي ، لا يعرف الخجل والحياء في السياسية ، لقد كان في قلب الأحداث قياديا فذا ،صريحا شجاعا جريئا ، صان وقاد مع رفاقه خط المنبر التقدمي الكفاحي ضد الطائفية والتطرف والتصعيد ، وأن شخصية مثل عبدالنبي سلمان التي استخدمت جمعية الوفاق كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة في مواجهته للحيلولة دون فوزه في انتخابات 2006، ومع ذلك حصد 2396 صوتا في دائرة وفاقية مغلقة ، فكشف ذلك عن المكانة الوطنية التي كان يتمتع فيها وعن الدور البارز الذي قام به خلال الفصل التشريعي الأول لمجلس النواب ، لا يمكن أن يكون امتدادا لفكر جمعية الوفاق بل امتدادا لفكر جبهة التحرير ، وأن البعض الذي نقل هذا التصور إلى كاتب المقال هو من عاش وما زال يغرد خارج السرب مثله كمثل
(طـــويــــر الـــزمّْ ) .
ويأتي في هذا السياق ولا يخرج عنه ما يكتبه صاحب مقال (( أحييك علي البنعلي.. لأنهم رفضوك!! ) ، واقتبس مما كتبه في هذا المقال قوله ( لقد طفحت الطائفية الحزبية في جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي وكشرت عن أنيابها و(فاحت) رائحتها بشكل بشع ومقزز يزكم الأنوف والنفوس والعقول، ، عندما تم رفض رئيس نقابة ألبا علي البنعلي، من كل لجان المنبر ) .
لا … يا أيها الرفيق العزيز الفنان المخرج المعد المبدع ، ما هكذا تورد الإبل ، وما هكذا تكون مبدعا في السياسة وفي الحرص على وحدة الكيان الذي انتميت إليه ، فإذا كنت حريصا على أن يكون الرفيق علي البنعلي في لجان المنبر ، فأن المنبر كان حريصا عليه في إطار قرارات هيئاته القيادية والقاعدية وأكثر مما تصورت وتتصور، وإذا كنت غيورا على علي البنعلي ، فأن غيرتك هذه كانت تقتضي أن تكون غيورا على المنبر ، وان تكون حاضرا في المؤتمر العام لتقول رأيك .
انه من المخجل ما جاء في مقالك المشار إليه ( أن قيادة المنبر المتعاقبة لم تستطع استقطاب اهتمامات أخرى غير ضلوعها المخجل في الانجراف نحو الوفاق ) ، فهذا انتقاص وظلم بحق المنبر قيادة وقواعد بما فيهم النقابي الرفيق علي البنعلي وهو تصور يأتي لأنك لم تقرأ بيانات المنبر ومواقفه جيدا التي استقطبت اهتمامات المجتمع منذ تأسيسه ، نأمل أن تعود إلى رشدك وأن لا يستمر الزكام في أنفك ونفسك وعقلك ، فليس في المنبر عدوى (رائحة طائفية بشعة مقززة ) كما تصورت .
وتتوسع هذه الحملة الظالمة في مواجهة القيادة الجديدة للمنبر التقدمي إلى ما كتبه ومازال يكتبه للأسف رفيق عزيز للتقدمي حين كتب في مقاله بعنوان (التكفيريـــــون الخمينــــــيون! ) من أوصاف جديدة كقوله ( ان القيادة الجددة للمنبر التقدمي الديمقراطي قيادة لا تجرؤ الا ان تكون في الشكل مغايرة لسياسة جمعية الوفاق الاسلامية، اما في المضمون فالأيام القادمة سوف تكشف لنا الكثير من حقيقة التأويلات التي تتبادل بين السياسيين البحرينيين المتابعين لأنشطة الاسلام السياسي الايراني الطائفي في مملكة البحرين ) فهذا القول فضلا أنه جاء من البعض كما يقول كاتبه ودون يحددهم ، فهو لا ينفصل عن تخيل واهم يمتد إلى أعتقاد مضحك أن ( التهاني والتبريكات التي اطلقتها جمعية الوفاق على لسان امينها العام الشيخ علي سلمان عن هذا الانتصار الذي احرزوه «ديمقراطيا» بوصول اشخاص معينين.. الى قيادة المنبر التقدمي الديمقراطي!) يمكن لها أن تحرف التقدمي في تحالفاته عن استقلاله الفكري والتنظيمي في الشكل والمضمون ، فليس للمنبر يا رفيقنا الفاضل حضن آخر سوى حضن امتداده التاريخي الذى ولد وترعرع فيه كل الرفاق في القيادة الجديدة ، كل الرفاق المنتمين إليه بمن فيهم المستقيلين ، وإذا كان في التقدمي ( اشباه من اليساريين أوانصاف من العلمانيين ينفجون صدورهم بالجملالثورية الزائفة) كما يحلوا إليك الاعتقاد رابطا ذلك بالذين ( تساقطوا..) غير أن هذا التساقط الذي تتحدث عنه قد أقرنته بالخوف في حين انه كان مقرونا بتعذيب رهيب وهو ما تجاهلته ولا تجرؤ الحديث عنه ، وللتساقط أيها الرفيق مواقع مختلفة ليس بالضرورة أن يكون في الأقبية تحت التعذيب، بل يمتد في وقت الراحة إلى الكتابة المنحازة إلى الجهات التي مارست التعذيب في ثمانينات قانون امن الدولة أو بعده ، انك أيها الرفيق تفتح جرحا غائرا فيما كتبته ، غير أن ذلك سيفتح إليك متسعا كي تدرك أن الرفاق اللذين تعرضوا للتعذيب في ثمانينات قانون امن الدولة وشاركوا في تأسيس التقدمي وفي أنشطته بهمة وفاعلية مازالت قاماتهم مرفوعة لم تنحني أمام إغراءات مناصب السلطة .
ولعل القراءة الواقعية لتحالفات المنبر التقدمي طوال عمله مع بزوغ المشروع الإصلاحي ستجعل منك أكثر قربا من حقيقة ما قاله إليك البعض ، ويجعل من قلمك يتجه نحو تعزيز وحدته الداخلية بدلا من النيل منها .